للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

دفعةً واحدةً؛ لأن القاضي لا يفهم عنهم، وإنما يشهد واحد بعد الآخر، فلم يوجد في الشهادة ما يقتضي كونها قذفًا.

وقد روي أن عمر سمع الشهادة على هذا الوجه؛ وذلك لأنه أجلس المغيرة، فلما شهد عليه واحد، قال له: ذهب ربعك، فلما شهد الثاني، قال له: ذهب نصفك، فلما شهد الثالث قال له: ذهب ثلاثة أرباعك، فلما قام زياد، قال له: قم يا سُلَح (١) العقاب (٢)، فهذا يدلّ على أن الشهادةَ: تقبل إذا اجتمع الشهود في مجلسٍ واحدٍ، وإن فرَّقوا الشهادة.

وقال ابن رستم عن محمد: في الشهود على الزنا إذا جاؤوا فرادى، قال: إذا كانوا قعودًا في موضع الشهود، فجاء واحدٌ بعد واحدٍ، فهؤلاء لا حدّ عليهم والشهادة جائزة، وإن كانوا خارجين من المسجد، فهؤلاء يضربون الحدّ، ولو كانوا مثل ربيعة ومضر.

وقال محمد في الأصل: إن الشهود إذا جاؤوا متفرقين واحدًا بعد واحد، إن شهادتهم لا تجوز، وأحدّهم جميعًا، وإن كانوا في مقعدٍ واحدٍ، فلما قاموا إلى القاضي، [قاموا] واحدًا بعد واحد، فإن هؤلاء تجوز شهادتهم، وهذا على ما قدمنا: أن الشهود لا يمكنهم أداء الشهادة دفعةً واحدةً، فلا بدَّ من هذا التفريق، فلا يقدح في الشهادة (٣).

وأما إذا كانوا خارج المسجد، فهذا التفريق لا تدعو الحاجة إليه، فصار من


(١) "السُّلَح: ولد الحجل". القاموس المحيط (سلح).
(٢) ذكرها ابن خلكان في الوفيات (٦/ ٣٦٥).
(٣) انظر: الأصل ٧/ ١٧٧.

<<  <  ج: ص:  >  >>