للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

ولا يجوز أن يقال: إنه ظنه مجنونًا؛ لأنه كان ثائر الرأس؛ لأنه لو كان ذلك لم يعلّق الحكم بالرابعة، ولعلّقه بظهور حاله.

وقد روي أن أبا بكر قال لماعز في الثالثة: (إنك إن أقررت الرابعة رجمك رسول الله ) (١)، وهذا لا يُعلم إلا بالتوقيف.

وروي عن أبي بريدة أنه قال: (كنا نتحدث بين يدي [أصحاب] رسول الله أن ماعزًا لو قعد في بيته بعد المرة الثالثة ولم يقرّ لم يرجمه رسول الله (٢)، وهذا يدل على أنهم عرفوا ذلك من شريعته؛ ولأنه سببٌ لثبوت حد الزنا، فاعتبر فيه العدد كالشهادة.

ولأن حد الزنا قد اعتبر فيه من التأكيد ما لم يعتبر في غيره من الحدود، ولهذا يعتبر شهادة أربعةٍ، ولا يعتبر ذلك في شيءٍ من الحدود، فجاز أن يتأكد الإقرار فيه بالعدد على الإقرار بسائر الحقوق.

فإن قيل: إذا لم يثبت الحد بإقراره مرَّةً، وقد اعترف بالوطء على وجهٍ لم يوجب الحدّ، وجب المهر، والوطء الموجبُ للمهر لا يوجب الحدّ، وهذا كما قلتم: أنّا لو لم نثبت [الحدّ] بالسرقة بإقراره مرّةً، لأوجبنا الضمان بها، وإيجاب الضمان ينافي القطع، فلم يكن إيجابه بالإقرار الثاني.

قيل له: لما أقرّ بالزنا، فحكم الإقرار مراعى؛ لأن الزنا لا يوجب المهر، فلم يحكم بوجوب المهر ما دامت المراعاة في الإقرار بالزنا باقيةً؛ فلذلك أوجبناه بالتكرار.


(١) ابن أبي شيبة (٢٨٧٦٩).
(٢) ذكره الزيلعي في تبيين الحقائق (٣/ ١٦٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>