ظاهر على أصل محمد؛ لأن عنده أن حق المالك لم يسقط عنها، فلا يجوز للخالط التصرف في ملك غيره [عنده].
فأما على أصل أبي حنيفة: فقد زال ملك المالك عنها، فقوله: لا يحل له أكلها، إنما يعني به: لا يحل له أن يشتري بها ما يؤكل؛ لأن التصرف فيها ممنوع منه ما لم يؤد العوض.
فأما أكل ما اشترى بها فهو حلال؛ لأنهم قالوا: فيمن غصب ألفًا فاشترى بها ثوبًا، وسعه أن يلبسه؛ لأن الشراء (١) لم يقع بعينها، وإنما وقع بمثلها في ذمته.
وقالوا: ولو اشترى بالدراهم المغصوبة دنانير، لم يحل له أن يتصرف في الدنانير؛ لأن الدراهم إذا استحقت وجب رد الدنانير [المغصوبة؛ لأن] بدلها لم يقبض في المجلس، فصارت كالمقبوضة ببيع فاسد، [فيمنع من التصرف فيها].
وقالوا: لو تزوج بها امرأة، وسعه أن يطأها؛ لأن العقد لم يقع على الدراهم.
وقالوا: لو غصب ثوبًا فاشترى به جاريةً لم يسعه أن يطأها حتى يدفع قيمة الثوب إلى صاحبه؛ لأن الثوب يتعين بالعقد، فإذا استحق رجع بائع الجارية فيها، فصار كالمقبوضة ببيع فاسد، فلا يحل وطؤها.
ولو تزوج بالثوب المغصوب، حل له وطء الزوجة؛ لأن الثوب لو استحق لم ينفسخ النكاح، ووجب عليه قيمته، فلم يمنع من الوطء.
وهذا يبين أنما عنى بتحريم الأكل في مسألتنا: تحريم التصرف بها فيما يؤكل، فأما أكل العوض فمباح على أصلهم.