للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

والتعليم عنده: أن يرسل ثلاث مرات، كل ذلك يقتل الصيد ولا يأكل، وهذا قول أبي يوسف ومحمد.

والأصل في هذا ما قدمنا: أن صيد الجارح لا يحل إلا أن يكون الجارح معلمًا.

والتعليم في الكلب: يكون بترك الأكل؛ لأنه يضرب حتى يتعوّد، إلا أن أبا حنيفة رجع في ذلك إلى أهل الصنعة؛ لأن الكلب قد يمسك عن الأكل للشبع، وقد يمسك للتعليم، فوجب أن يرجع إلى أهل العلم بذلك.

وأما في الرواية الأخرى: فجعل تكرار ترك الأكل دلالة على التعليم؛ [لأنه لا يتفق له الشبع في كل مرة، فالظاهر أنه تركه للتعلم]، وإنما قدروا التكرار بثلاث مرات؛ لأنها موضوعة للاختبار في خيار الثلاثة، وقال موسى للخضر في المرة الثالثة: ﴿إِنْ سَأَلْتُكَ عَنْ شَيْءٍ بَعْدَهَا فَلَا تُصَاحِبْنِي﴾ [الكهف: ٧٦]، وروي عن عمر أنه قال: من اتّجر في شيء ثلاث مرات فلم يربح، فلينتقل إلى غيره (١).

ثم اختلفوا في أكل الثالثة، فقال أبو يوسف ومحمد: إنما يصير مُعَلَّمًا بتكرار ترك الأكل ثلاثًا، فما اصطاد بعد ذلك فهو صيد معلم، فيؤكل، وما كان قبل ذلك فلم يعلم التعليم، فلا يؤكل.

وقال في رواية الحسن: تؤكل الثالثة؛ لأنها قد دلت على التعليم، فصار صيد معلم، فأكل.

قال: وإذا صار معلمًا في الظاهر، وصاد به صاحبه، ثم أكل بعد ذلك مما


(١) أورده الكاساني في البدائع ٥/ ٥٣.

<<  <  ج: ص:  >  >>