وما له دم على ضربين: أحدهما ما يعيش في الماء، والآخر لا يعيش في الماء: فما يعيش في الماء كله محرم إلا السمك خاصّة.
وما يعيش في البرّ على ضربين: مستأنس، ومستوحش، فالمستأنس: يحل منه الأنعام: وهي الإبل، والبقر، والغنم، والدجاج، وما سوى ذلك من المستأنس لا يؤكل إلا الفرس، فإنه يكره عند أبي حنيفة، وعند أبي يوسف ومحمد لا يكره.
وأما المستوحش: فيحرم منه كل ذي مِخْلَبٍ ونَابٍ، ويحل ما سواه.
ويكره أكل الحشرات كلها.
ونحن نُبَيِّنُ ذلك فصلًا فصلًا في موضعه من الكتاب (١).
قال أبو الحسن ﵀: ذكر ما أحل الله تعالى من ذلك في كتابه، قال الله تعالى: ﴿وَالْأَنْعَامَ خَلَقَهَا لَكُمْ فِيهَا دِفْءٌ وَمَنَافِعُ وَمِنْهَا تَأْكُلُونَ﴾ [النحل: ٥]، ﴿وَذَلَّلْنَاهَا لَهُمْ فَمِنْهَا رَكُوبُهُمْ وَمِنْهَا يَأْكُلُونَ﴾ [يس: ٧٢]، وقال: ﴿وَمِنَ الْأَنْعَامِ حَمُولَةً وَفَرْشًا كُلُوا مِمَّا رَزَقَكُمُ اللَّهُ﴾ [الأنعام: ١٤٢]، فالحَمُولة: الكبار منها، والفَرْش: الصغار.
والأنعام: الإبل، والبقر، والغنم، لا أعلم خلافًا في أن اسم الأنعام واقع على ما سمّيناه، فهذه الآيات قد دلت على إباحة أكل الأنواع الثلاثة، وقد دل عليها الإجماع.
قال: وما عدا الأنعام من البهائم الإنسية فلا يجوز أكله، لا يجوز أكل الخيل ولا البغال ولا الحمير، وهذا قول أبي حنيفة.