قال أبو يوسف: ولو أن رجلًا باع نصف دارٍ من رجل ليس بشفيع، ثم قاسمه بأمر القاضي، [فقدم](١) الشفيع ونصيبُ البائع بين دار الشفيع وبين نصيب المشتري، فإن هذا لا يبطل شفعة الشفيع؛ لأن القسمة تصرف من المشتري، فلا يبطل به حق الشفيع كبيعه وهبته [وتزويجه عليها].
ولو كان البائع باع نصيبه بعد القسمة قبل طلب الشفيع الشفعة الأولى، ثم طلب الشفيع الأول الشفعة الأولى، فإن قضى القاضي بالأجرة جعلها بينهما، وقضى بالأولى للأول، وإن بدأ فقضى بالأولى للأول، قضى له بالأخرى أيضًا من قِبَلِ أنه لم يبق في يد المشتري [الأول] حق يأخذ به الشفعة؛ وذلك لأن القاضي إذا بدأ فقضى بالشفعة الأخرى، فالمشتري الأول جار لنصيب البائع، وجار كذلك، فتساويا في الجوار عند البيع وعند الحكم، فيقضي بالشفعة بينهما.
وأما إذا بدأ فقضى بالشفعة للأولى، فقد استحق ملك المشتري قبل القضاء بالشفعة الثانية، فلم يجز أن يقضي له بشيء، فقضى به للأول.
وهذا إذا كان المشتري لنصيب البائع غير المشتري الأول، فأما إذا اشتراه الأول، فالشفعة الأخرى بينهما، سواء قضى بها أولًا أو ثانيًا؛ لما بيّنا أن الشراء كحكم الحاكم للشفيع، فزوال ملكه لا يؤثر. [والله أعلم].
(١) في أ (قم قدم) والمثبت من الفتاوى الهندية، ٥/ ١٨١.