للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

تصرف في ملكه بالبيع ثبت لغيره حق الفسخ، فإذا تصرف فيه بالبناء، ثبت له حق الفسخ، كالراهن إذا بنى، وقد سَلَّم الشافعي مسألة الرهن إذا كان قيمة الأرض والبناء أقل من الدين.

وجهُ قول أبي يوسف: أن المشتري بنى في ملك نفسه، فلم يجز أن يقلع البناء (كمن بنى في ما لا شفعةَ فيه؛ ولأنا لو جوّزنا قلع البناء لأضررنا بالمشتري، ترى ألا أنه لا يقدر على البناء والغرس) (١) مخافة الشفيع، وإنما أوجبناها لإزالة الضرر عن الشفيع، فلم يملك الإضرار بالمشتري.

قال: وإذا اشترى الرجل دارًا فأخذها الشفيع بالشفعة فبناها، ثم استحقت الدار، فإن المستحق يأخذ الدار، ويقال للشفيع: اهدم بناءك، ولا يرجع على المشتري بقيمة البناء إن كان أخذ الدار من يده، ولا على البائع إن كان أخذ الدار من يده، وهذه رواية الأصول من غير خلاف.

وروى ابن الوليد عن أبي يوسف: أن الشفيع يَرجع عليه (٢) بقيمة البناء، وكذلك روى ابن زياد عنه.

وجه قولهم المشهور: أن الرجوع بقيمة البناء إنما يثبت بالغرور الذي حصل من جهة البائع حين أوجب الملك للمشتري على وجه يتصرف فيه كيف شاء، والمشتري لم يُغْرِ الشفيع بإيجاب الملك، وإنما أخذ الشفيع الدار من يده بغير اختياره، فلم يكن مغرورًا، وإنما هو الذي غرّ نفسه، فلا يرجع على غيره.

وليس هذا كالثمن حيث يرجع عليه؛ لأن الثمن إنما يرجع به على


(١) ما بين القوسين ساقطة من م.
(٢) في م (على المشتري).

<<  <  ج: ص:  >  >>