المال لم يكن رهنًا، سواء رضي بذلك رب المال أو لم يرض؛ [وذلك] لأن مال المضاربة ملكه، ويد المضارب فيها كيده، فكأنّه لم يخرج من يد [الراهن]؛ ولذلك لو كان رب المال هو الراهن بعض متاع المضاربة بدين فيها على أن وضع الرهن على يد المضارب، فإنه لا يكون رهنًا؛ لأن تصرف رب المال في مال المضاربة برضى المضارب يقع للمضارب، فكأَنه هو [الذي] رهن.
قال: وكذلك رجل اشترى لابن له صغير شيئًا، ورهن رهنًا ووضعه على يد نفسه، فإن الشراء جائز والرهن باطل؛ لأن حقوق المداينة تتعلق [بالآمر](١)، فإذا رهن وبقي الرهن في يده لم يوجد ذلك القبض.
قال: وكذلك الكفيل بالمال يرهن رهنًا ويضعه على يدي المكفول عنه، أو يرهن المكفول عنه فيضعه على يدي الكفيل، فهذا كله باطل لا يكون رهنًا؛ [وذلك] لأن كل واحد من الكفيل والمكفول عنه لا يجوز أن يكون وكيلًا في قبض الدين من الآخر، فلم يجز أن يكون عدلًا في الرهن.
وقال أبو يوسف في الجوامع: إذا مات العدل لم يبطل الرهن، ويوضع على يد عدل آخر عن تراض منهما، فإن وقع [فيه] اختلاف وضعه القاضي على يدي عدل بينهما؛ لأن موت العدل كموت المرتهن، وذلك لا يبطل الرهن، إلّا أن الراهن لم يرض بيد المرتهن ولا بيد ورثة العدل، فإن اتفقا على عدل آخر صار الرضا به كالرضا في الابتداء.
وإن اختلفا فقد امتنع من حق عليه، وامتنع المرتهن عن الرضا عمن يدَّعي الراهن أنه رضي به، فقام القاضي مقامهما؛ [وذلك] لأنه يملك أن يلزم الراهن