للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وأما الحنطة إذا بيعت بعضها ببعض وهي عين لم يعتبر فيها التقابض في المجلس لحصول التعيين الذي شرط القبض (١) لأجله، وقد بيّنا هذا في كتاب البيوع.

وإذا كان المكيل بالمكيل دينًا بدين، فالعقد فاسد تقابضا أو لم يتقابضا؛ وذلك لأن ما وقع عليه اسم البيع مما يتعين جنسه مبيعٌ، وبيع ما ليس عند الإنسان لا يجوز، (لنهيه لحكيم بن حرام عن بيع ما ليس عنده) (٢)، فإن كان أحدهما عينًا والآخر دينًا، فإن كان الذي وقع عليه لفظ البيع هو العين، فهو جائز إذا قبض الآخر في المجلس، فإن افترقا قبل أن يقبض الدين بطل البيع.

وإن كان الذي وقع لفظ البيع عليه هو الدين لم يجز وإن تقابضا؛ وذلك لأن لفظ البيع إذا وقع على العين فبدلها ثمن، والثمن يجوز وإن لم يتعين.

وقد كان القياس أن لا يعتبر قبضه في المجلس؛ لأنهما افترقا عن عين بدين فى غير جنس الأثمان، وإنما استحسنوا لقوله : "الحنطة بالحنطة مثلًا بمثل عيناً بعين" (٣).

وأما إذا وقع لفظ البيع على غير المعين فهو بيع ما ليس عند الإنسان، فلا يجوز العقد وإن عينه بعد ذلك.

فأما الدراهم والدنانير فيجوز العقد عليهما غير معينة؛ لأنها لا تتعين، وإن


(١) في أ (التعيين).
(٢) أخرجه أبو داود (٣٥٠٣)؛ والترمذي (١٢٣٢)؛ والنسائي في الكبرى (٢٦٠٦)؛ وابن ماجه (٢١٨٧).
(٣) لم أجده بلفظ الحنطة، وورد بغيرها، كما في مسند أحمد، ٣/ ٥٨؛ ومسند أبي يعلى، ٢/ ٢٩٤؛ مجمع الزوائد، ٤/ ١١٣.

<<  <  ج: ص:  >  >>