الضمان عن نفسه، ولا يقبل قوله في التسليم إلى غيره؛ ولأنه يَدَّعِي خلوص ما بقي من المال للربح، ورب المال يجحد ذلك، فلا يُقْبَلُ قول المضارب في الاستحقاق.
فإن أقاما بينة، فالبينة بينة المضارب؛ لأنه يثبت إيفاء رأس المال، ورب المال يجحد ذلك.
فإن قيل: قسمتهما للربح ظاهرة فيما ادعاه المضارب من إيفاء رأس المال؛ إذ الربح لا يكون إلا بعد الإيفاء، قلنا: قد جرت عادة التجار بالمقاسمة مع بقاء رأس المال في يد المضارب.
قال ابن سماعة عن أبي يوسف في نوادره: في رجل دفع [إلى رجل] ألف درهم مضاربة صحيحة، ثم جعل رب المال يأخذ الخمسين والعشرين لنفقته، والمضارب [يعمل] ببقية المال ويربح فيما يشتري ويبيع، ثم احتسبا، فإنهما يحتسبان برأس المال ألف درهم يوم يحتسبان، والربح بينهما نصفان، ولا يكون ما أخذ رب المال من النفقة نقصانا من رأس المال، ولكنهما يحتسبان رأس المال ألفًا من جميع المال، وما بقي فهو بينهما نصفان؛ وذلك لأنا لو جلعنا المقبوض من رأس المال أدّى ذلك إلى إبطال المضاربة؛ لأن رب المال متى استرجع رأس ماله بطلت المضاربة، وهما لم يقصدا إبطالها، فلم يبق إلا أن يجعل رأس المال فيما بقي (١).