وذلك لأنه أضاف المضاربة إلى المقبوض، وذلك يصير أمانةً في يده، وهذا مقصود مقتضى المضاربة.
وأما إذا قال رَبُّ المال للغاصب أو للمُوْدَع أو المبضع: اعمل بما في يدك مضاربةً بالنصف، جاز ذلك عند أبي يوسف والحسن.
وقال زفر: لا يجوز ذلك في الغصب؛ لأنه مضمون في يده.
وجه قول أبي يوسف: أنه أضاف المضاربة إلى الأثمان، وذلك يجوز الوكالة به، فكذلك المضاربة.
وجه قول زفر: أن المضاربة تقتضي كون المال أمانةً في يد المضارب، والغصب مضمون عليه، فلم يوجد فيه معنى المضاربة، فلا يصح.
قال أبو الحسن: لا تصح المضاربة إلا بمال عين يكون مقبوضًا في يد المضارب لا يد لدافعه عليه، مالكًا كان الدافع أو غير مالك، إذا كان ممن يجوز عقد مضاربته في المال.
وإنما اعتبر في صحة المضاربة قبض المضارب للمال؛ لأنها أمانة، فلا تتم إلا بالتسليم كالوديعة (١).
وإنما لم تصح مع بقاء يد ربّ المال في المال؛ لأن المضاربة فارقت الشركة في الاسم، فلا بد أن تفارقها في المعنى، والشركة تصح مع بقاء يد الشريكين، فاختصت المضاربة بأن شرط فيها زوال يد رب المال.