ثم الوكالة على ضربين: إذا لم يفوض إلى الوكيل الرأي عامًا، فلا بد من تسمية جنس ما وكّله به، ومع الجنس أيضا إما الصفة أو مقدار البدل، وكان القياس أن لا يجوز حتى يذكر مع الجنس الصفة والثمن، ولكنهم استحسنوا وقالوا: إن قدر الثمن يعلم بصفةٍ في المبيع، والصفة تعلم به، فقام أحدهما مقام الآخر.
والنوع الثاني من الوكالة: إذا فوّض إلى الوكيل الرأي مطلقًا فيما يشتريه، مثل أن يقول: ما اشتريت لي من شيء فهو جائز، فلا بد من ذكر الوقت، مثل أن يقول: اليوم، أو شهر كذا، أو سنة كذا، أو يذكر مبلغ الثمن فيقول: ما اشتريت لي من شيء بكذا، أو يذكر نوع ما يشتريه فيقول: ما اشتريت لي من البَزِّ، أو من الدقيق؛ لأن هذه الوكالة لما فوّض الرأي فيها إلى الوكيل جرت مجرى الشركة في احتمال الجهالة، إلا أنها وكالة، ومن حكم الوكالة الخصوص، فلو جوّزناها مطلقة من غير تخصيص جعلناها شركة من كل وجه، فأعطوها الشبه من الأصلين، فقالوا: إذا وَقَّتَ المدة، أو سمّى النوع، أو الثمن، فقد وقعت خاصة من وجه، فجازت، وإن أطلق، لم يصح.
قال بشر: سمعت أبا يوسف يقول لرجل: ما اشتريت اليوم من شيء فبيني وبينك، فقال: نعم، قال أبو حنيفة: هذا جائز، وكذلك قال أبو يوسف: وكذلك إن وقّت مالًا ولم يوقت يومًا، وكذلك إن وقّت صنفًا من الثياب وسمّى عددًا ولم يُسم ثمنًا ولا يومًا، فهذا جائز.
فإن قال: ما اشتريت من شيء فهو بيني وبينك، ولم يسمّ ثمنًا ولا يومًا، فإن أبا حنيفة قال: لا يجوز، وكذلك قال أبو يوسف؛ وهذا على ما بيّنا؛ لأنه لما