الجحود مانعًا من حق عليه، وليس كذلك المودَع إذا جحد؛ لأن لصاحبها أن يأخذها [منه]، فإذا جحد [ها] فقد منعها منه.
وعلل المسألة في موضع آخر فقال: لأن صاحب الدابة أبرأه من الضمان حين ادّعى الأجرة.
وعللها في مكان ثالث فقال: هذا فسخ (١)؛ لأن كل مستأجر يجحد الإجارة ويدعي الرقبة فيسقط عن نفسه الأجر، فأما إذا انقضت المدة فيد المستأجر لا تقوم مقام يد المؤاجر، وهو جاحد، فليزمه الضمان إذا تلفت.
وقد قال محمد في الموضع الذي علل المسألة [بأن] قال: ليس لصاحبها أخذها، قال: لو انكسرت أو ضعفت حتى لا يمكن ركوبها ضمن قيمتها مكسورة وعاطبة؛ لأن الرد قد وجب، فتعلق بالجحود الضمان.
وقد قال ابن سماعة عن محمد: في صاحب الدار إذا قال للغاصب: هذه داري فاخرج منها، فإن نزلتها فهي عليك كل شهر بمائة، فجحدها على حاله، ثم أقام صاحبها بينة بها بعد شهر: فلا أجر له.
قال: وهذا إنما يكون إذا كان الساكن مُقِرًّا فقال له: اخرج منها، فإن لم تخرج فهي إجارة عليك كل شهر بكذا، وهذا صحيح؛ لأن الجاحد لا تقوم يده مقام يد المالك، وإنما يدعي [اليد] لنفسه، والإجارة لم تصح فيما قبل، وإنما يجعل رضاه بالسكنى رضاه بالإجارة، ولا يثبت ذلك مع الجحود.
وليس كذلك إذا كان مقرًا؛ لأنه لما سكن مع الاعتراف بالملك، صار راضيًا بما سمّى من الأجرة.