للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وجملة هذا: أنّ إجارة المشاع من غير الشريك باطلة عند أبي حنيفة وزفر، وقال أبو يوسف ومحمد: جائزة، وبه قال الشافعي (١).

لأبي حنيفة: أن المنافع المستأجرة لا يمكن استيفاؤها إلا بالمهايأة (٢)، والمهايأة ليست من حقوق الإجارة؛ لأنها عقد بنفسها، [ومتى لم] (٣) يتمكن من استيفاء المنفعة المعقود عليها إلا بمعنى لا يقتضيه العقد، لم يجز إجارته، كمن استأجر عبدًا آبقًا.

وليس كذلك إذا آجر من شريكه؛ لأنه يقدر على استيفاء المنافع بغير مهايأة، فجاز العقد معه وإن لم يجز مع غيره.

كما تجوز إجارة المغصوب من الغاصب، ولا تجوز من غيره؛ ولأن ما آجره غير متميز ما لم يؤاجره، فأشبه إذا آجر أحد عبدين؛ ولأنه لا يتوصل إلى الانتفاع بما آجره إلا بالانتفاع بما لم يؤاجره، [فصار كمن آجر عبدًا بعبدين].

وجه قولهما: أن ما جاز من الشريك جاز من غيره، كالبيع.

وكان الشيخ أبو طاهر الدَّبَّاس يقول: إن الإجارة في المشاع إنما لا تجوز إذا آجر الرجل بعض ملكه؛ لأنه يهايئ المستأجر، فتكون الدار في يد المستأجر مدة وفي يد المؤاجر مدة، ولا يجوز أن يستحق المؤاجر الأجر مع كون الشيء في يده.


(١) انظر: المهذب ٣/ ٥١٥.
(٢) المهايأة (بإبدال الهمزة ألفًا): لغة من التهايؤ، تفاعل، "وهو أن يتواضعوا على أمر يتراضوا به، وحقيقته: أن كلا منهم يرضى بحالة واحدة، ويختارها". المغرب (هيا)؛ وفي معجم لغة الفقهاء: "الاتفاق على قسمة المنافع على التعاقب، فتكون العين المشتركة لهذا شهرًا، ولهذا شهرًا مثلًا".
(٣) في ب (ومن (لا) والمثبت من أ.

<<  <  ج: ص:  >  >>