للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

أجر؛ لأن هذا العمل لا ينتفع ببعضه دون بعض، فلا يلزم الأجرة إلا بتمامه، فإذا فرغ منه ثم هلك، فله الأجرة في قول أبي حنيفة؛ لأنه صار مسلمًا للعمل عنده.

فأما على قولهما: فالعين مضمونة لا يبرأ من ضمانها إلا بتسليمها إلى مالكها (١)، فإذا هلك الثوب: فإن شاء ضمنه قيمته صحيحًا (غير مخيط) (٢) ولا أجرة له، وإن شاء ضمنه قيمته مخيطًا وله الأجرة على ما قدمنا.

قال: ولو استأجر حَمَّالًا ليحمل له دَنًّا (٣) من السوق إلى منزله، فحمله حتى إذا بلغ به باب الدار الذي استأجره كسره إنسان، فلا ضمان على الحمّال في قول أبي حنيفة، وله الأجرة من قِبَلِ أنه وفَّاه العمل إلى الموضع الذي بلغ، وهذا على [ما قدمنا] أن من لا أثر لعمله يصير مسلمًا للمنافع حالًا فحالًا.

وقال محمد في الأصل في الحمّال: إذا وقع في بعض الطريق فانكسر ما حمله، فصاحبه بالخيار إن شاء ضمنه قيمته في ذلك الموضع واحتسب له من الأجرة بحساب ما حمل، وإن شاء ضمنه قيمته من الموضع الذي حمله ولا أجرة له؛ وذلك لأن التلف حصل من عمله، وهو وقوعه، وما تلف بعمل الأجير المشترك مضمون في قول أبي حنيفة وأبي يوسف ومحمد، إلا أن المنافع لم تسلم بكمالها، فصار ذلك عيبًا فيها، فإن شاء رضي بها وضمنه قيمته في ذلك الموضع وأعطاه الأجرة، وإن شاء فسخ العقد فيها حين لم يكمل على مقصودها، وضمنه القيمة في الموضع الذي حمل منه (٤).


(١) في أ (صاحبها).
(٢) ساقطة من أ.
(٣) "الدَّنُّ: كهيئة الحُبِّ إلا أنه أطول منه وأوسع رأسًا، والجمع دِنان"، كما في المصباح، والحُبُّ - بالضم -: الخابية: هي الوعاء الضخم. انظر: المصباح؛ المعجم الوجيز (دنّ، حب).
(٤) انظر: الأصل ٣/ ٥٨٤؛ شرح مختصر الطحاوي ٣/ ٣٩٢، ٣٩٣.

<<  <  ج: ص:  >  >>