فإن كان المطلوب حلف أن لا يعطيه، فأعطى على أحد هذه الوجوه حنث، فإن قال: إنما أردت أن لا أعطيه أنا بنفسي، لم يُدَيَّن في القضاء، ودُيّن (١) فيما بينه وبين الله تعالى؛ لأن العطاء بفعله وَفعل غيره سواء في القصد، فيتناولهما اليمين، فإذا نوى غير الظاهر لم يصدق في القضاء.
ولو أخذ به ثوبًا أو عوضًا فقبض العوض فهو بمنزلة قبض المال؛ وذلك لأنه يصير مستوفيًا بأخذ العوض، كما يصير مستوفيًا بأخذ نفس الحق.
قال: ولو كان الطالب حلف ليأخذنّ ماله منه، أو ليقبضنّه، أو ليستوفيه، ولم يوقت، فأبرأه من المال، أو وهبه له حنث في يمينه؛ وذلك لأن شرط البر فات في يمين منعقدة، ألا ترى أن البراءة ليس بقبض ولا استيفاء.
قال: لو كان وقَّت وقتًا، فقال: اليوم، أو إلى كذا وكذا، فأبرأه قبل ذلك أو وهبه له، لم يحنث عند أبي حنيفة ومحمد إذا جاوز ذلك الوقت، ويحنث عند أبي يوسف؛ لأن اليمين الموقّتة يتعلق انعقادها بآخر الوقت، فكأنه قال: في آخر الوقت لأقضينه دينه، ولا دين له [عليه]، فلا تنعقد اليمين عندهما، وتنعقد عند أبي يوسف، ويحنث.
قال: فإن قبض الدين فكان زيوفًا أو بهرجة فهو قبض، ويبرّ من حلف على القبض أو على الدفع؛ لأنها من جنس الجياد، ألا ترى أنه يجوز أخذها في ثمن الصرف، فوقع بها الاقتضاء.