وجه قول زفر: أنه قد وجد عقيب اليمين جزءًا من السكنى [وإن قلَّ] لو حصل [ذلك] من الحالف على السكنى وليس هو في الدار، حنث، فكذلك إذا حصل ممن هو فيها.
والفصل الثاني: إذا انتقل بنفسه ولم ينقل متاعه وأهله، قال أصحابنا: يحنث، وقال الشافعي: لا يحنث (١).
لنا: أن السكنى إنما تكون بما يسكن به [في] العادة على ما بيّنا، فإذا حلف على نفيها اقتضى إزالة ما صار به ساكنًا، فإذا لم يفعل حنث؛ لأن قوله: لا أسكن هذه الدار [أي: لا أسكنها] تنزُّهًا عنها وصيانة لنفسه وكراهة لها، وذلك مما يقصده الإنسان في أهله كما يقصده في نفسه، فكانت اليمين عليهما.
وقد تكلم الشافعي محتجًا في هذه المسألة [قال]: إذا خرجت من مكة وخلفت دفترات بها أفأكون ساكنًا بمكة؟ وهذا غلط؛ لأن الدفاتر لا يسكن بها في البيوت، فبقاؤها لا يوجب بقاء السكنى.
وعلى أن من أصحابنا من قال: إذا حلف لا يسكن هذه الدار، فخرج منها وفيها أهله أو متاعه، حنث؛ لأنه يسمى ساكنًا، ألا ترى أنه يقال للرجل وهو في السوق: أين تسكن؟ فيقول: في موضع كذا، فدل على أنه ساكن وإن لم يكن فيها.
قالوا: ومن حلف لا يسكن في بلد فخرج منه وترك أهله فيه لم يحنث، لأنه لا يقال لمن بالبصرة [أنه] ساكن بالكوفة، أما إذا انتقل بنفسه وأهله ومتاعه وترك