للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

التخصيص في الأحوال والمعاني لا يصح، خلاف ما قاله أبو بكر الرازي.

قال: ولو قال إن أكلت طعامًا فعبدي حر، وقال: عنيت اللحم أو الخبز فأكل غيره، فإن أبا حنيفة قال: لا يصدق في القضاء ويدين فيما بينه وبين الله تعالى، وكذلك قال أبو يوسف إذا قال: والله، وهو قول محمد؛ وذلك لأنه خصص ما في لفظه فعملتْ نيّته فيما بينه وبين الله تعالى ولم تعمل في القضاء؛ لأنه خصص العموم وذلك خلاف الظاهر.

قال أبو الحسن: وأصل هذا: أنه إذا ذكر الفعل ولم يذكر المفعول فيه، فنوى بعض المفعول فيه دون بعض، لَمْ يُديَّنْ في القضاء ولا فيما بينه وبين الله تعالى، وإذا ذكر المفعول فيه في كلامه ثم قال: نويت بعضه دون بعض دُيِّن فيما بينه وبين الله تعالى ولم يدين في القضاء، وذلك على ما قدمنا.

قال أبو الحسن: فأما التخصيص في الصفة [فإنّ] بشرًا حكى عن أبي يوسف في رجل قال: والله لا أكلم هذا الرجل وهو قائم، يعني: ما دام قائمًا ولم يتكلم بالقيام، كانت نيته باطلة، وحنث إن كلمه؛ وذلك لأنه نوى تخصيص الحال وذلك ليس في لفظه، ولو حلف لا يكلم هذا القائم يعني ما دام قائمًا، وسعه فيما بينه وبين الله؛ لأنه خصص ما في لفظه، وكذلك إذا قال: والله لأضربن فلانًا خمسين، وهو ينوي بسوط بعينه فبأي (١) [سوط ضربه خمسين]، فقد خرج من يمينه والنية باطلة؛ وذلك لأنه نوى تخصيص ما لا لفظ له.

ونظير هذا ما حكى ابن سماعة عن محمد في نوادره: في رجل حلف: والله لا يتزوج امرأة، وهو ينوي كوفية أو امرأة بصرية، قال: ليس في هذا نية فيما بينه


(١) في أ (كل).

<<  <  ج: ص:  >  >>