وعلى هذا قالوا: لو قال لعبده: أنت حر من عمل كذا، أو أنت حر اليوم من هذا العمل عتق في القضاء؛ لأنه أعتقه في زمان دون زمان، وأعتقه من عمل دون عمل، والمعتق في زمان معتق في كل زمان والمعتق من عمل معتق من كل عمل.
ومما يلحق بالصريح وليس موضوعًا للعتق قوله: وهبت لك نفسك، وبعتكَ نفسك، إن العتق يقع بذلك قَبلَ العبد أو لم يَقْبَلْ؛ لأن الهبة والبيع يقتضيان زوال الملك وانتقاله إلى المشتري والموهوب له، والعتق [يقع] بزوال ملك المولى عن الرق ولا ينتقل الرق إلى العبد، فكأنه أتى بلفظ الحرية وزيادة، وإنما لم يجعل هذا صريحًا؛ لأنه ليس بموضوع في اللغة للعتق، إلا أنه ملحق بالصريح، بمعنى أنه لا يفتقر إلى نية في وقوع العتق به، وإنما لا يفتقر إلى القبول؛ لأن قبول الموهوب [له] والمشتري يحتاج إليه ليدخل الشيء في ملكه، والرق لا يدخل في ملك العبد فلا يقف العتق على قبوله.
وقد قال أبو حنيفة: إذا قال لعبده: وهبت لك نفسك، وقال: أردت [به] أني وهبت له عتقه، بمعنى: أني لا أعتقه، لم يصدق في القضاء؛ وذلك لأن اللفظ الذي وضع لإزالة الملك، إذا استعمل في تبقية الملك فقد ترك ظاهره، ويصدق فيما بينه وبين الله تعالى؛ لأنه نوى ما يحتمله كلامه.
وقد روى معلى عن أبي يوسف فيمن قال لعبده: أنت مولى فلان، [أو معتق فلان] أنه يعتق في القضاء؛ وذلك لأنه يصفه بالحرية من جهة غيره، فاقتضى ذلك صحة الصفة، وهذا لا يكون إلا وفلان كان مالكًا فأعتقه.
قال: فإن قال له أعتقك فلان، فليس بشيء؛ لأنه أضاف العتق إلى من ليس