للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

المحرَّمة منعت الشريعةُ من التصرُّف فيها، والبيع يعلم جوازه بالشرع، فلم يصح فيما منع الشرع منه.

وأمَّا الحق في المبيع لغير البائع، فمثل بيع الرَّهن، وبيع ما آجره؛ لأنَّ البائع لا يقدرُ على تسليمه عقيب العقد؛ لعدم ثبوت يده عليه، فهو كالطَّير في الهواء، [والسمك في الماء].

وقد اختلفت العبارة في الكتب في هذه المسألة: فقال في موضع: البيع فاسد، وقال في موضع: البيع موقوف، فمن أصحابنا من جَعلهُ روايتين، ومنهم من قال: رواية واحدة، أنَّه موقوف، وقوله فاسد، أي: أنه يفسده (١)، فإن قلنا: أنَّه فاسد، فقد بينا وجهه، وإن قلنا أنَّه موقوف، وهو الصحيحُ؛ فلأنَّه عقد على ملك نفسه ولغيره فيه حق، فوقف تصرُّفه كالوصيِّة بجميع المال؛ ولأنَّه لو عقد على ملك غيره وقف، فإذا عقد على ملكِ نفسه وللغير فيه حق يمنع نفوذ العقد أولى أن يقفَ.

وأمَّا قوله: أو أن يشترط فيه منفعة لأحد من الناس لا يوجبه العقد فمثل: أن يشترط فيه منفعة للبائع، وهو أن يقولَ: على أن أهب لك أو أقرضك، أو للمشتري مثل أن يقول: على أن يقرضني [أو يهب] لي، أو للمعقودِ عليه، مثل أن يقول: أبيعك هذا العبد على أن تعتقه، أو تدبِّره، أو لغيرهما، مثل أن يقول: على أن تبيع من فلان عبدك، أو تقرضه عشرة، فالبيع في هذا كلِّه فاسد؛ لما

روى عمرو بن شعيب، عن أبيه، عن جدِّه، أن النبيَّ- "نهى عن بيعٍ


= وأحمد في المسند ٢/ ٩٧؛ وأورده الهيثمي في المجمع وقال: "رواه الطبراني في الكبير، وفيه ليث بن سليم، وهو ثقة ولكنه مدلس … " ٤/ ٩٠؛ التلخيص الحبير ٤/ ٧٣؛ الدراية ٢/ ٢٣٥.
(١) في أ (سيفسد).

<<  <  ج: ص:  >  >>