للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وروي أنّه قال: "إذا ولغ الكلب في إناء أحدكم فليرقه وليغسله سبعًا" (١) ولم يفصل بين إراقة قلتين وما زاد عليهما؛ ولأنه لا يتوصل إلى [استعمال] الماء إلا مع النجاسة، فصار كما لو ظهرت، ولأن النجاسة تؤثر في الماء والثوب، فإذا استوى في الثوب ما طهر وما لم يطهر، فكذلك في الماء.

وأما ما روي أن النبيّ قيل له إنك تتوضأ من بئر بضاعة، وهي بئر يلقى فيها الجيف، ومحائض النساء، فقال : "خلق الماء طهورًا لم ينجسه شيء" (٢)، فهذا خبر لم يتفق على استعماله، وما ذكرناه من الأخبار اتفق الأمة على استعمالها، فكانت أولى؛ ولأن النبيّ لا يجوّز أن يتوضأ من بئر يلقى فيها الجيف مع علمنا بنزاهته، وإيثاره الرائحة الطيبة وكراهته للخبيثة، وإنما هذه [البئر] كان يصنع بها ما ذكر في الجاهلية، بها ما ذكر في الجاهلية، فسألوه عن حكمها بعد الإسلام؟ فبيّن لهم أنّه إذا لم يكن للنجاسة أثر، لم يعتد بنجاستها من قبل تبيين ذلك.

إن الذي استقر في الشريعة الأمر بحراسة الماء من النجاسات، ولهذا قال : "لا يبولن أحدكم في الماء الدائم" (٣) فكيف يلقون النجاسة فيما يتوضئون منه!، فعلم أن هذا كان من أفعال الجاهلية، فشك المسلمون [في حال البئر بعد انقطاع ما يلقى فيها.

وأما ما تعلق به الشافعي] من حديث ابن عمر أن النبيّ قال: "إذا بلغ الماء قلتين لم يحمل خبثًا" (٤) فخبر ضعيف عند أصحاب الحديث، وهو مدني


(١) أخرجه مسلم ١/ ٢٣٤ (٨٩)، والنسائي (٦٦).
(٢) تقدم تخريجه.
(٣) أخرجه البخاري (٢٣٩)؛ ومسلم ١/ ٢٣٥ (٩٥)، وانظر نصب الراية ١/ ١١٢.
(٤) أبو داود (٦٥)، والترمذي (٦٧)، والنسائي (٥٢)، وابن ماجه (٥١٧)، وانظر نصب الراية ١/ ١٠٤.

<<  <  ج: ص:  >  >>