للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

لنا: أنّه معنى لا ينافي حكم الحول [في الزكاة]، فلا يمنع وجوب قضاء الصوم، كالحيض والإغماء.

وقد اختلف أصحابنا المتأخرون (١) في هذه المسألة، فمنهم من قال: الجنون الطارئ والأصلي سواءٌ، ومنهم من قال: إنّ المجنون الأصلي إذا أفاق في بعض الشهر، لم يلزمه قضاء [ما مضى] (٢)، [وأمّا العاقل إذا طرأ عليه الجنون، فإن أفاق في بعض الشهر لزمه القضاء].

و [قد] روى هشام عن أبي يوسف: في صبيٍّ له عشر سنين، جُنَّ فلم يزل مجنونًا حتى أتت عليه ثلاثون سنة أو أكثر، ثم صحَّ في آخر يوم من شهر رمضان، فالقياس: أن لا يلزمه (٣) قضاء ما مضى من [هذا] الشهر، ولكنِّي أستحسنُ أن يقضي ما مضى من هذا الشهر، ولا أحفظ فيه شيئًا عن أبي حنيفة.

وجه القياس: أنّ التكليف حصل بالإفاقة ابتداءً، كالبلوغ.

وجه الاستحسان: أنّ الجنون نوع مرضٍ، وقد أوجب الله تعالى القضاء على المريض، وهو يؤثر في التكليف كالصغر، وذلك يسقط القضاء، فألحقناه بالصغر من وجه، وبالمرض من وجهٍ، (فقلنا: إذا انقضى جميع الشهر مجنونًا، لا يقضي شيئًا، وإن أفاق في شيءٍ منه، قضى الجميع الماضي) (٤).

وقد رُوي عن محمد في المجنون الأصلي: أنّه لا يقضي ما مضى من


(١) في أ (وقد اختلفوا - أعني: أصحابنا المتأخرين -).
(٢) في أ (الكلّ).
(٣) في ب (أن لا يجب عليه).
(٤) ما بين القوسين في ب (فقلنا: يقضي الشهر الذي أفاق فيه، ولا يقضي ما تقدم من الشهور).

<<  <  ج: ص:  >  >>