للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وأما [قوله] ولد غني، فإذا كان صغيرًا، لم يجز دفع الصدقة إليه؛ لأنه غني بغناء أبيه، وأما إذا كان كبيرًا فقيرًا، جاز دفع الصدقة إليه؛ لأنه ليس بغني بغناء أبيه، فصار كالأجنبي.

وقال أبو حنيفة ومحمد: يجوز أن تعطى المرأة الفقيرة إذا كان زوجها غنيًا، وكذلك البنت الكبيرة إذا كان أبوها غنيًا؛ وهي إحدى الروايتين عن أبي يوسف، وروي عنه: أنها لا تعطى إذا قضى لها بالنفقة.

وجه قولهما: أن الزوجة لا تصير غنية بغناء زوجها، ألا ترى أنه يلزمه لها مقدار مقدّر من النفقة، لا تصير به غنية، فصارت كمن لا زوج لها.

وجه قول أبي يوسف: أن الزوجة يجب نفقتها على الزوج، فصارت بغناه غنية كالولد الصغير، وشرط في ذلك أن يقضى لها بالنفقة؛ لأنه ما لم يقض لها بالنفقة لا يصير دينًا، فلا يعتد بها.

فأما عبد الغني، ومدبّره، وأم ولده، فلا يجوز له الدفع إليهم؛ لأن المولى يملك المدفوع، وهو غني، ويجوز الدفع إلى مكاتب الغني؛ لأن المولى لا يملك ما يدفع إلى مكاتبه بالدفع، وإنما يملكه بالعجز؛ وذلك سبب حادث بعد جوازه عن الصدقة، فلا يمنع جواز [الدفع عن الصدقة].

وقال أبو يوسف: إنما لا تحل الصدقة لغني إذا كانت صدقة مفروضة، فأما صدقة النفل، فتجوز عليه، ويحل له أخذها؛ لأنها تجري مجرى الهبة.


= في الكبرى بلفظ (لغني ولا لذي مرة سوى) (٢٣٧٨)؛ ونحوه الترمذي (٦٥٢)؛ وابن ماجه (١٨٣٩)، وغيرهم.

<<  <  ج: ص:  >  >>