للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وقد روي أن أبا يوسف قيل له: ما حجتك على زفر؟ فقال: أيّ حجة لي على من قال: يجب في مائتي درهم أربعمائة درهم.

وهذا صحيح؛ لأن الزكاة إذا لم تمنع الزكاة، وجب في المال أكثر منه، وهذا قبيح.

أما الأموال الظاهرة، فلا شبهة فيها؛ لأن الإمام يطالب بزكاتها، والحقوق التي يطالب بها الآدمي تمنع الزكاة كالدين.

فأما الباطنة فحق الأئمة متعلق فيها، ألا ترى أن رسول الله ، وأبا بكر وعمر طالبوا بها، وطالب بها عثمان ، ثم قال: "من كان عليه دين فليؤدّه، وليزكّ ما بقي له من ماله" (١)، وهذا توكيل [منه] لأرباب الأموال، ألا ترى أن الإمام يملك أن يستنيب في حقوق المسلمين، ولا يملك إسقاطها.

ولا يجوز أن يقال: لو كان كذلك، لجاز لمن بعده المطالبة بها؛ لأن عثمان إنما وكّل بالمطالبة لما كثرت الأموال، وعلم أن في تتبعها مشقة على أربابها، وهذا المعنى موجود بعده؛ فلذلك لم يجز فسخ توكيله.

وقد كان أصحابنا يقولون: إذا اطَّلع الإمام على ترك أهل بلد لإخراج زكاتهم، جاز أن يطالبهم، فإذا ثبت أن عثمان وَكَّل أرباب الأموال، والتوكيل لا يسقط الحق، فحق المطالبة قائم، فصارت كالأموال الظاهرة.

وجه قول زفر: أنها عبادة، فوجوبها لا يمنع الزكاة كالنذور، والكفارات، والحج.


(١) ذكره الكاساني في البدائع ٢/ ٧، والرحيباني في مطالب أولي النهى ٢/ ١٨ عن عثمان .

<<  <  ج: ص:  >  >>