مع جهله بالأحكام، ولو كانت واجبة لذكرها؛ ولأن وجوبها مما تعم البلوى به، ويحتاج جميع الناس إلى معرفته، فلو وجب لبَيّنه رسول الله ﷺ للجماعة، ولو فعل ذلك لنقل من طريق الاستفاضة، فلما لم ينقل نَقْل الاستفاضة، دلّ على أنّه غير واجب.
* والثالث: أن إيصال الماء إلى ما تحت شعر اللحية ليس بواجب، قال أبو حنيفة:"وإنما مواضع الوضوء ما ظهر منها".
وقال الشافعي:"إن كان شعرها كثيفًا فكذلك، وإن كان خفيفًا يجب إيصال الماء إلى البشرة"(١)، وهذا فاسد؛ لأنّ ما لا يجب إيصال الماء إليه إذا تكاثف عليه الشعر لم يجب إذا خفّ كبشرة الرأس.
* والرابع: وجوب مسح ما يلاقي بشرة الوجه من اللحية، قال أبو يوسف: قال أبو حنيفة: "وليس تخليل الشعر من مواضع الوضوء، وإنما مواضع الوضوء ما ظهر منها"، وهذا يقتضي وجوب إمرار الماء على ظاهر اللحية.
وذكر ابن شجاع عن الحسن عن أبي حنيفة وزفر:[أنه] إذا مسح من لحيته ثلثًا أو ربعًا جاز، وإن مسح أقل من ذلك لا، قال: وقال أبو يوسف: وإن لم يمسح منها شيئًا، جاز.
وجه رواية أبي يوسف: أن الفرض كان متعلقًا بالبشرة فإذا سترها الحائل لم يسقط الفرض وإنما ينتقل إلى الحائل كشعر الرأس.
وجه رواية الحسن: أن فرضها المسح، والممسوحات لا يجب فيها الاستيعاب
(١) انظر: الأم للإمام الشافعي ص ٣٣ (بيت الأفكار الدولية)؛ والمهذب للشيرازي (بتحقيق محمد الزحيلي) ١/ ١٢١ (دار القلم).