للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

فيه السكر، فلا يسمى مسكرًا، كما لا يقال: الطعام مشبعٌ وإن حدث الشبع منه مع غيره) (١).

فأمّا قوله : "ما أسكر كثيره فقليله حرامٌ"، فصحيح على قولنا؛ لأنّه إذا شرب الكثير فسكر، فالمحرم منه ما حدث منه السكر، وما قبل ذلك غير محرمٍ، فإذًا (٢) المحرم في الحقيقة هو اليسير الذي يسكر كثيره.

قالوا: الشدّة المطربة سببٌ للتحريم بدلالة الخمر.

والجواب: أنّ الخمر لا يجوز أن تكون حُرّمت لهذه العلة؛ لأنّ قليلها وكثيرها حرامٌ على وجهٍ واحدٍ، وهذه العلة لا توجد في القليل.

ولا يقال: إنّ الحكم يوجد بوجودها ويعدم بعدمها؛ لأنّ القليل منها إذا حرم بالطريق الذي حرم الكثير -وهذه العلة لا توجد فيه- دَلَّ على فسادها وإن وجد الحكم بوجودها وعدم بعدمها؛ ولأنّه ليس تعليق الحكم بما قالوه أولى ممّن قال: العلة فيها أنّها نيءٌ مشتدةٌ، فلا يمكن أن يرد الحكم إلى المطبوخ، والحكم يوجد بوجود هذه [العلة] في الأصل، ويعدم بعدمها.

فإن قالوا: إنّ العلة عندنا وجود هذا المعنى في الكثير، فدلّ على أنّ تحريم الجنس لم يصح؛ لأنّ الأصل أنّ الأحكام تعلّل بعللٍ فيها لا في غيرها، فلا يجوز أن نعلّل القليل بعلّةٍ توجد في غيره.


(١) ما بين القوسين سقطت من ب.
(٢) في ب (فأما).

<<  <  ج: ص:  >  >>