للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

اجتهاد غيره، فلم يجز له أن يستبيح ما هو حرامٌ عنده، وليس كذلك إذا اعتقد إباحتها، فحكم الحاكم بالتحريم؛ لأنّ حكم الحاكم ينفذ فيما يسوغ فيه الاجتهاد، فلا يجوز أن يستبيحه مع تحريم القاضي له.

وجه قول محمدٍ: أنّ المحكوم عليه يجب أن يتابع رأي القاضي إذا رأى ما يسوغ فيه الاجتهاد، فيسقط اجتهاده مع اجتهاده؛ ولأنّ الاجتهادين إذا (١) تعارضا وانضم إلى أحدهما الحكم، فصار كما لو انضم الترجيح إلى أحدهما.

قال محمدٌ: وكذلك رجلٌ ابتُلي ببليّةٍ، وهو لا يعلم العلم، فسأل عنها الفقهاء، فأفتوه فيها بحلالٍ أو بحرامٍ، وقضى عليه القاضي من المسلمين بغير ذلك، وهو ممّا يختلف فيه الفقهاء، فينبغي له أن يأخذ بقضاء القاضي ويدع ما أفتاه فيه الفقهاء؛ وذلك لأنّ المجتهد عنده يتبع رأي القاضي وإن خالف اجتهاده، فالمقلد أولى.

قال: وإن قضى له قاضٍ بقضاء من حلالٍ أو حرامٍ عنده، ثم رفع إلى قاضٍ آخر فقضى له في ذلك الشي بعينه بخلاف قضاء الأول، وهو ممّا يختلف فيه الفقهاء، أخذ بقضاء الأول وأبطل قضاء الثاني؛ لأنّ الحكم إذا وقع في موضع اجتهادٍ، لم يجز لقاضٍ من القضاة فسخه، فلا يؤثر حكم الحاكم الثاني إلا أن يكون الأول لا يسوغ فيه الاجتهاد، فلا يعتدّ به.

قال محمدٌ: ولو أن فقيهًا عالمًا قال لامرأته: أنت طالقٌ البتّة، وهو يرى أنّها ثلاث تطليقاتٍ، فأمضى رأيه فيما بينه وبينها، وعزم على أنّها قد حرمت عليه، ثم رأى بعد ذلك أن رأي عمر بن الخطاب في ذلك هو الصواب: وأنّها تطليقةٌ


(١) سقطت من ب.

<<  <  ج: ص:  >  >>