للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

كالماء إذا أخذه في إناء.

و [أمّا] النار، فمعنى قوله : الناس شركاء فيها، معناه: في الانتفاع بضوئها، والاصطلاء بها، وليس لمن أضرمها أنّ يمنع [غيره] من ذلك؛ لأنّ النبي ساوى بين الناس فيها.

فأمّا الجمر الذي فيه اللهب، فهو مِلْكٌ لصاحبه، لا يجوز لأحدٍ أخذه إلا بإذنه؛ لأنّ ذلك ليس بنارٍ، والنبي أثبت الشركة في النار لا في الحطب.

قال [أبو الحسن]: وهم شركاء في ذلك شركة إباحةٍ، لا شركة ملكٍ؛ لأنّه غير مملوكٍ في الأصل، وإنّما معنى الشركة: ثبوت حقّ كلّ واحدٍ منهم فيما يبتدئ أخذه.

قال محمدٌ: والشَّفَة عندنا: الشرب (١) لبني آدم والبهائم والنَّعَم (٢) والدوابّ، فأمّا [أنّ يسقي] (٣) الزرع أو نخلًا أو شجرًا، فله أنّ يمنع من ذلك من النهر كان أو العين أو القناة أو البئر إذا كان في ملكه، ولا يمنع من الشَّفَة خاصّةً.

ومعنى ذلك: أنّ الشركة تثبت في ماء الأنهار المملوكة والعيون والآبار للشرب خاصّةً، فأمّا السقي فلا يجوز ذلك إلا لمالك النهر؛ وذلك لأنّ النبي جعل للبئر حريمًا حتى لا يحفر غير حافرها بئرًا إلى جنبها، فيضرّ بمائها، ولو جوّزنا لكلّ واحدٍ أنّ يسقي زرعه منها، كان ذلك أضرّ من حفر بئرٍ إلى جانبها،


(١) قال المطرزي: "يقال: وهم أهل الشَّفة، أي الذين لهم حق الشُّرب بشفاههم وأن يَسقُوا دوابَّهم". المغرب (شفة).
(٢) هذه الكلمة سقطت من ب.
(٣) في أ (السقي)، والمثبت من ب.

<<  <  ج: ص:  >  >>