وليس كذلك إذا أسلم في دار الإسلام؛ لأنّه متمكّنٌ من معرفة الشرائع، والمسألة عنها، فإذا لم يفعل فقد فرّط، فلا يسقط عنه الوجوب.
وجه قول أبي يوسف: أن من أسلم في دار الحرب، يعلم أنّ الدين الذي انتقل إليه له أحكامٌ، فلمّا لم يسأل عنها، [فقد] فرّط في المعرفة، فصار كمن أسلم في دار الإسلام.
وقال أبو يوسف: كان أبو حنيفة يقول: لا عذر لأحدٍ من الخلق في جهله معرفة خالقه، والواجب على جميع الخلق معرفة الربّ وتوحيده ﷿، لما يرى من خلق السموات والأرض وخلق نفسه وسائر ما خلق الله تعالى، فلا يسعه جهل معرفة ربّه.
وأمّا الفرائض، فمن لم يعرفها ويعلمها وتبلغه، أو يرى أهل الإسلام، فإنّ هذا لم تقم عليه حجةٌ كمعرفته.
وهذا صحيحٌ؛ لأنّ المعرفة طريقها العقل، فإذا أكمل الله تعالى عقل الإنسان، فقد مكنه من الطريق إلى المعرفة، فوجب عليه الإيمان وإن لم يبلغه السمع، فأمّا الشرعيات، فلا تجب إلا بالسمع، فما لم يوجد السمع أو التمكّن منه، لا يلزمه.