والأم مرتدةٌ، وهذا صحيحٌ؛ لأنّ الأم إذا كانت مسلمةً، فالولد مسلمٌ بإسلامها، فيرث المرتد كما يرثه بقية الورثة.
قال: وإذا مات الرجل عن امرأته، وهي مسلمةٌ حاملٌ، ثم ارتدت ولحقت بدار [الحرب]، فإن ولدت هناك، فإنّه لا شيء عليه، وهو مسلمٌ بإسلام أبيه، وله الميراث؛ لأنها علقت به في حال الإسلام، فحكم بإسلامه، ولم يتغير ذلك بردتها.
وأمّا إن سُبيت قبل أن تلده، ثم ولدته في دار الإسلام، فهو مسلمٌ [بإسلام أبيه]، وهو مملوكٌ، وميراثه لورثته بمنزلة ميراث المرتد؛ وذلك لأنه في حكم الجزء من الأم، فيرقّ برقّها، ولا يرث أباه؛ لأن المملوك لا يرث.
[وقوله: وميراثه لورثته: يعني ميراث الأب].
وقال بشرٌ عن أبي يوسف في الإملاء: في المرتد يتزوج مسلمةً في حال ردته، فتلد له غلامًا، أو يطأ أمةً مسلمةً، فتلد غلامًا: إنّه يكون ابنه، وهو مسلمٌ، يرث المرتد إن قتل على ردته أو مات، وهذا قول أبي حنيفة.
وإن كانت أمه كافرةً، لم ترث؛ وذلك لأنه يصير مسلمًا بإسلام أمه، فيرث المرتد كما يرثه المسلمون، وأما إذا كانت أمةً كافرةً فقد اجتمع أبواه على الكفر، فلا يحكم له بحكم الإسلام.
وأما إذا ولد وهما مسلمان، ثم كفرا، لم يكن كفرهما كفرًا له ما دام في دار الإسلام؛ وذلك لأنه يبقى على حكم إسلامه لأجل الدار، ألا ترى أنّ اللقيط في دارنا نحكم له بإسلامه بالدار، وكذلك المسبيّ إذا لم يكن معه أحد أبويه، فكذلك هذا المولود لما انقطع عنه حكم أبويه (١).