للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

و [مَنْ] لا يُؤخَذ، فنقول: إنّ أهل الكتاب إذا بذلوا الجزية، وجب علينا قبولها منهم وترك قتلهم، وقد دلّ على ذلك نصّ القرآن، قال الله تعالى: ﴿قَاتِلُوا الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَلَا بِالْيَوْمِ الْآخِرِ﴾، إلى قوله: ﴿حَتَّى يُعْطُوا الْجِزْيَةَ عَنْ يَدٍ وَهُمْ صَاغِرُونَ﴾ [التوبة: ٢٩].

وكذلك يجوز أخذها من المجوس؛ لما روي عن عمر بن الخطاب أنه قال: ما أصنع بالطائفة التي ليست من أهل الكتاب؟ فقال عبد الرحمن بن عوف: سمعت رسول الله يقول: "سنّوا بهم سُنّة أهل الكتاب" (١)، وهذ لا خلاف فيه.

فأمّا عبدة الأوثان من العجم، فيجوز أخذ الجزية منهم، وقال الشافعي: لا يجوز (٢).

لنا: أنّه يجوز [استرقاقهم] (٣)، فجاز أخذ الجزية منهم كأهل الكتاب؛ ولأنّ تبقيتهم على الكفر لمّا جاز بأحد السببين (٤) وهو الرقّ، جاز بالآخر وهو الجزية.

وأمّا عَبَدة الأوثان من العرب، فلا يجوز أخذ الجزية منهم؛ لأنّه لا يجوز استرقاق رجالهم، فلا يجوز إقرارهم بالجزية كالمرتدين؛ ولأنّهم بالغوا في أذية رسول الله وتكذيبه وإخراجه من وطنه، فعوقبوا على ذلك، فلم يقبل منهم إلا السيف أو الإسلام؛ ولهذا قال يوم خيبر: "لو كان يجري على عربي رقٌّ،


(١) رواه مالك في الموطأ (١/ ٢٧٨)؛ وقال ابن حجر في التلخيص: (هو منقطع، … ورواه ابن أبي عاصم في كتاب النكاح بسندٍ حسنٍ) (٣/ ١٧٢).
(٢) انظر: المزني ص ٢٢٧؛ رحمة الأمة ص ٢٥٣.
(٣) في أ (استرقاق رجالهم)، والمثبت من ب.
(٤) في ب (شيئين).

<<  <  ج: ص:  >  >>