للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

فلأنّهم بذلوه في مقابلة الأمان، فإذا لم يسلم لهم المُعوَّض سقط العوض.

قال: وإن كانت الموادعة على وقتٍ معلوم، فمضى الوقت، فقد بطل العهد الذي بينهم بغير نبذٍ، ولا بأس أن يغير المسلمون عليهم بعد ذلك؛ لأنّ العهد المؤقت يبطل بِمُضِيِّ الوقت، ولا يد لنا عليهم، فعادوا إلى ما كانوا عليه قبل العهد.

قال: ومن [كان] دخل منهم دار الإسلام بتلك الموادعة لا بأمانٍ غيرها، ثم مضت الموادعة، فهو آمنٌ حتى يرجع إلى مأمنه، لا يحلّ دمه ولا سَبْيه [بمضيّ الموادعة]؛ وذلك لأنّه حصل في دارنا بأمانٍ، فلا يجوز قتله ما لم يبلغه مأمنه، لقوله تعالى: ﴿وَإِنْ أَحَدٌ مِنَ الْمُشْرِكِينَ اسْتَجَارَكَ فَأَجِرْهُ حَتَّى يَسْمَعَ كَلَامَ اللَّهِ ثُمَّ أَبْلِغْهُ مَأْمَنَهُ﴾ [التوبة: ٦].

قال: وهذا إذا صالحناهم على أن يكونوا مبقين على أحكام الكفر.

قال: فإن كانوا صالحوا على أن يجري عليهم أحكام الإسلام بما أعطوه من المال في كلّ شهرٍ، أو في كلّ سنةٍ، فذلك جائزٌ، ويصيرون ذمّةً، ولا يسع المسلمين أن لا يقبلوا ذلك منهم، وهذا إنّما يُراد به أنّ النبذ [إنّما يجوز] فيمن صالحناهم ولم تجر عليهم أحكامنا، فإذا صالحناهم على مالٍ على أن تجري أحكامنا عليهم، فقد صاروا ذمّةً، فلا يجوز النبذ إليهم، ولا ينقض عهدهم، كما لا يجوز [نقض] الذمّة في دارنا (١).


(١) انظر: الأصل ٧/ ٤٧٠ وما بعدها.

<<  <  ج: ص:  >  >>