للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

فقال: "ما كان له ذلك، قد أجرنا من أجرت، وأمّنّا من أمّنت" (١).

وإذا ثبت أنّ أمان الواحد جائزٌ، لم يجز لأحدٍ من المسلمين أن يتعرّض إليه بعد الأمان، كما لا يجوز أن يتعرض له لو أمّنه الإمام.

قال: وينبغي للإمام إذا جاؤوه بالأمان أن يدعوهم إلى الإسلام أو إلى إعطاء الجزية، فإن أجابوه إلى الإسلام، فلهم ما للمسلمين، وعليهم ما على المسلمين.

وإن أبوا الإسلام وأجابوا إلى إعطاء الجزية، قبل ذلك منهم، وكانوا أهل وذمة عهد، لهم ما لأهل الذمة، وعليهم ما عليهم.

وإن أبو الأمرين، ردهم إلى مأمنهم، ثم قاتلهم؛ وذلك لأنّه لا يجوز أن يتعرّض لهم مع الأمان، ولا يجوز أن يتركوا آمنين مع الكفر من غير جزية، فلا بد من أن يعرض عليهم الإسلام أو الجزية التي يجوز أن يستمر معهما [الأمان] (٢)، فإن أبوا ذلك لم يجز أن يتركوا، ووجب ردّهم إلى مأمنهم، ثم يقاتلهم كما لو خرجوا إلى الإمام بأمان.

قال أبو حنيفة: لا يجوز أمان العبد، إلا أن يكون يقاتل مع مولاه، فإن كان إنّما يخدمه، لم يجز أمانه.

وقال أبو يوسف ومحمدٌ: أمان العبد جائزٌ، قاتل أو لم يقاتل.

وجه قول أبي حنيفة: أنّ العبد لا يملك القتال بنفسه، وهم آمنون منه، فلم يصحّ أمانه، كالأسير في أيديهم؛ ولأنّ الأمان عقدٌ من العقود، فلا يملكه بغير


(١) رواه البخاري (٣٥٠)، ومسلم (٣٣٦).
(٢) في أ (الإمام)، والمثبت من ب.

<<  <  ج: ص:  >  >>