قال محمدٌ: وإذا أمرهم أمير الجيش من أهل الحرب بأمرٍ لا يدرون أينتفعون به أو لا ينتفعون، فينبغي لهم أن يطيعوه وإن كانوا يرون خلاف [ذلك]، ما لم يأمرهم بأمرٍ يخافون فيه الهلاك، وعلى ذلك رأي أكثرهم لا يشكّون فيه، فلا طاعة له عليهم.
وإن اختلف الناس، فمنهم من يقول فيه الهلكة، ومنهم من يقول فيه النجاة، فليطيعوا الأمير فيما أمرهم به.
وجملة هذا: أنّ الأمير له عليهم حقّ الولاية، فيجب عليهم طاعته وإن خالف رأيهم، كما يجب اتباع الحاكم فيما يسوغ فيه الاجتهاد وإن خالف ذلك رأي المحكوم عليه.
وإذا ثبت هذا، قلنا: إذا اختلف المعسكر فيما أمر به الإمام، والخطأ ليس بظاهرٍ فيه، وإنّما هو مُجتَهدٌ فيه، فالواجب اتّباع الأمير كما يُتّبَع القاضي فيما يختلف الناس فيه.
فأمّا إذا أمرهم الأمير بما فيه معصية الله تعالى، فلا يحلّ لهم اتّباعه؛ لأنّه لا طاعة لمخلوقٍ في معصية الخالق، وقد روي أنّ النبيّ ﷺ بعث خالد بن الوليد بعد فتح مكة إلى بني جذيمة، ومعه بنو سليم وطائفةٌ من المهاجرين والأنصار، فأمر بقتلهم، فامتنعت المهاجرون والأنصار، وأطاعته بنو سليم فقتلوهم، فأنكر رسول الله ﷺ قتلهم، ولم ينكر على من امتنع من طاعته من المهاجرين والأنصار (١).
وأمّا إذا أمرهم بأمرٍ لا يُؤمَن فيه الهلاك لا محالة، وذلك ظاهرٌ لا يختلفون