للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

قال من شيءٍ، درهمٌ أو أكثر منه، وله أن يجعله أقلّ من درهم؛ وذلك لأنّ النيف: ما زاد وأناف؛ ولهذا سُمّي الأنف أنفًا، ويقال: جبلٌ منيفٌ، وإذا كان الاسم عبارةً عن الزيادة، حمل عليها قلَّت أم كثرت.

وإذا قال: عليّ بضعةٌ وخمسون درهمًا، فإنّ البضعة ثلاثة دراهم فصاعدًا، وليس له أن ينقص من ثلاثةٍ؛ لأنّ الله تعالى قال: ﴿فِي بِضْعِ سِنِينَ لِلَّهِ الْأَمْرُ مِنْ قَبْلُ وَمِنْ بَعْدُ﴾ [الروم: ٤]، فخاطر أبو بكرٍ قريشًا على أن الروم تغلب فارس [إلى ثلاث سنين]، فقال عَلَيْهِ الصَّلَاةُ السَّلَامُ: ("ما البِضع في لغتكم؟ " فقال) (١): من ثلاثةٍ إلى تسعةٍ، فقال عَلَيْهِ الصَّلَاةُ السَّلَامُ: "زد في الخطر وأبعد في الأجل" (٢)، وهذا يدلّ على أنّ أقلّ ما يتناوله اسم البضع ثلاثةً، فلم يُصدّق في النقصان منها.

قال: وإذا قال: لفلانٍ عليَّ عشرة [دراهم] ودانقٌ، أو قيراطٌ، فالدانق والقيراط فضةٌ؛ لأنّ الدائق عبارةٌ عن جزءٍ من درهمٍ، فكأنّه قال: عشرةٌ وسُدُسٌ؛ ولأنّ الظاهر أنّ حكم العطف حكم المعطوف عليه، فإن قال: مائةٌ ودينارٌ، فالمائة كلّها دنانير، [وإن قال: مائةٌ وقفيز حنطةٍ، فالمائة حنطةٌ]، وإن قال: مائةٌ ودرهمٌ، فالمائة دراهم على ما قدّمنا في القياس وفي الاستحسان.

وكان القياس: أن يرجع في المائة إلى بيانه؛ لأنّها عددٌ مبهمٌ، والاستحسان: أنهم يذكرون [ذلك] على طريق الاختصار، ويجعل من جنسٍ واحدٍ في العادة (٣).


(١) ما بين القوسين سقطت من ب.
(٢) رواه الترمذي (٣١٩٤)، وقال: (صحيحٌ حسنٌ غريبٌ من حديث نيار بن مكرم، لا نعرفه إلا من حديث عبد الرحمن بن أبي الزناد).
(٣) انظر: الأصل ٨/ ٢٩٣؛ مختصر القدوري ص ٢١٣، ٢١٤.

<<  <  ج: ص:  >  >>