وقال أبو يوسف ومحمدٌ: أقسم بينهم وأعزل حقّ الغائب و [حقّ] الصغير، وأُشهدُ الشهودَ على أنّي قسمتها [بينهم] بإقرارهم، وأجعل الغائب والصغير على حجّته.
أمّا أبو حنيفة: فمن أصله أنّهم لو حضروا جميعًا، وطلبوا القسمة لم تقسم إلا بعد إقامة البيّنة، فمع غيبة بعضهم أولى.
وأمّا هما فقالا: إنّ الظاهر أنّ الدار على ملكهم، فإذا أقرّوا بسهم للغائب فالقول قولهم فيه، فيقسمها باعترافهم، ويُشهد [الشهود] أنّه قسمها بقولهم، حتى لا يكون في ذلك تمليكٌ لنصيب غيرهم.
فقال أبو يوسف: إذا كانت الدار في يد الغائب، أو في يد الصغير، أو في أيديهما منها شيءٌ [لم أقسمها حتى تقوم البيّنة على الميراث، وهو قول محمدٍ، وكذلك لو كان في يد الغائب منها شيءٌ] استودعه رجلًا وغاب، لم أقسم ذلك حتى يحضر؛ وذلك لأنّ القسمة فيه استحقاقٌ ليد الغائب والصغير، وذلك لا يجوز إلا ببيّنةٍ، ولأنّا إنّما نقبل إقرارهم؛ لأنّ الشيء في أيديهم، وإذا كانت اليد لغيرهم لم يكن بدٌّ من الرجوع إلى قول الغائب، كما يجب الرجوع إلى قولهم.
قال أبو الحسن: وإذا قامت البيّنة على المواريث والحاضر اثنان أو أكثر، والغائب واحدٌ أو أكثر، فإنّ أبا حنيفة [قال]: آمر القاضي بقسمتها وبعزل نصيب كلّ صغيرٍ وغائبٍ، ويوكّل وكيلًا بحفظه (١)؛ وذلك لأنّ كلّ واحدٍ من الورثة قائمٌ مقام الميت وخصمٌ عنه، فإذا حضر اثنان وطالب أحدهما الآخر بالقسمة، قام الطالب مقام الميت، (فجاز أن يقضى عليه كما يقضى على أحد الورثة بدين