للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

أبي حنيفة لو كان يرى جواز المزارعة.

قال: وإن اشترط أحدهما شيئًا معلومًا قَدْرُه مما تخرجه الأرض أيّهما كان، لم تجز المزارعة في قولهم، فهي والمضاربة في هذا الوجه سواءٌ، وهذا مثل أن يشترط أحدهما قُفْزانًا معلومةً، أو شرط جزءًا مشاعًا وقُفْزانًا معه، فلا يصحّ العقد [معه]؛ لأنّ القياس يمنع من جواز المزارعة، وإنما أجازوه للأثر، وذلك [ورد] (١) في الشَّركة في جميع الخارج؛ ولأنّه روي: "أنهم كانوا يزرعون ويشترطون لأحدهما ما على الماذيانات والربيع الساقي، [فأبطل] النبي ذلك" (٢)، وكأنّ المعنى فيه قطع الشركة [عن] بعض الخارج؛ ولأنّ الأرض يجوز أن لا تخرج إلا المقدار المسمّى، فيستحقه أحدهما دون الآخر، وذلك يؤدّي إلى قطع الشركة، [فلا يصحّ].

وعلى هذا المضاربة: لو شرط أحدهما دراهم مسمّاةً، أو شرط جزءًا مشاعًا ودراهم مسمّاةً معه، لم يجز العقد؛ لأنّ ذلك يؤدي إلى قطع الشركة عن بعض الربح.

قال: وإن شرط أحد المزارعين البذر لنفسه، وأن يكون الباقي بينهما، فهذه مزارعةٌ فاسدةٌ؛ لما بيّنا أن جواز المزارعة يثبت بالأثر، وذلك ورد من غير استثناء البذر؛ ولأنّ الخارج كلّه نماءٌ، والبذر قد تلف، فلو شرط ردّ مثل البذر، أدّى إلى قطع الشركة عن بعض النماء.

فأما المضاربة: فإن شرط فيها قسمة جميع [المال]، فسدت حتى يشترط


(١) في أ (وقع)، والمثبت من ب.
(٢) رواه من حديث رافع : مسلم (١٥٤٧)

<<  <  ج: ص:  >  >>