ولو قال: كفلت لك بما أصابك من هذه الشَّجَّة التي شجّك فلان وهي خطأٌ، كان جائزًا وإن تلفت النفس، وهذا صحيح؛ لأنه ليس فيه أكثر من جهالة المقدار، فأما الشَّجَّة فقد تكفل بالسراية عند وجود سَببها، فتصحُّ.
قال: فإن كفل بالمال الذي عليه وسمّاه، وقال: إن وافيتكَ به غدًا فأنا بريء من هذا المال، فوافاه به من الغد، فهو بريء من المال، وهذه براءة الكفيل متعلقة بخطر، فيجوز ذلك في إحدى الروايتين؛ لأنه إسقاط حق ليس فيه معنى التمليك، ألا ترى أن الكفيل إذا أبرئ لم يرجع، فصار كالطلاق والعتاق.
والرواية الأخرى: أن البراءة لا تجوز؛ لأنها براءة من مال، فلا يتعلق بشرط كالبراءة من صاحب الأصل.
قال: وإذا كفل رجل بنفس رجل على أنه إن لم يواف به غدًا فعليه المال الذي عليه، وهو ألف درهم، فمضى غد ولم يواف به، فإن المال قد لزمه ولا يبرأ من الكفالة بالنفس أيضًا؛ لأنه يضم إلى الكفالة الأولى كفالة، فلم يشرط البراءة من الأولى، فبقيت بحالها.
قال: وإذا كفل بنفس رجل، وقال: إن لم أوافك به غدًا فعلي ألف درهم، ولم يقل التي لك [عليه](١)، فمضى غد ولم يواف به، وفلان ينكر أن يكون عليه شيء، والطالب يدَّعِي ألفًا عليه، فالمال لازم للكفيل في قول أبي حنيفة وأبي يوسف، وقال محمد: لا يلزمه.
وجه قولهما: أن قوله: فإن لم أوافك به فعليَّ أَلفٌ، يحتمل أن يكون ألفًا