يعطي، وإنما هو وكيل بالقضاء، فلم يجز أن يرجع بأكثر من المؤدى، وليس كذلك الضامن؛ لأن الدين ثابت في ذمته، وهو يملكه بما يؤدي. فلذلك رجع به.
قال ابن سماعة عن محمد في نوادره: في رجل له على رجل خمسة دنانير، وله بها كفيل، فصالح الطالب الكفيل على ثلاثة دنانير، فدفعها إليه، ولم يقل صالحتك على أن تبرئني، فإن هذا الصلح عن الذي عليه الأصل وعن الكفيل، وقد برئا، ويرجع الكفيل على الذي عليه الأصل بثلاثة دنانير؛ لأنه لما أطلق الصلح عن المال، وهو ثابت في ذمتهما، انصرف العقد إلى الذمتين، فبرئا جميعًا بما أدّى من ذلك، ويرجع الكفيل بثلاثة دنانير لما بَيَّنَّا أن المكفول عنه برئ مما زاد على ذلك؛ ولأنه لا يملك بثلاثة دنانير أكثر منها.
ولو قال: أصالحك على ثلاثة دنانير على أن تبرئني، فإن ذلك عن الكفيل وحده، وهو جائز، ويرجع الطالب [على] الذي عليه الأصل بدينارين، ويرجع عليه الكفيل بما أدّى [عنه]، وهو ثلاثة دنانير؛ لأنه لما شرط [عليه] في الصلح براءة الكفيل، دلّ على أنه لم يبرأ صاحب الأصل، وقد بَيَّنَّا أن براءة الكفيل لا توجب براءة المكفول عنه، فيبرئ الكفيل مما زاد على المؤدي، ويرجع بما أدّاه على صاحب الأصل، وبقي في ذمة صاحب الأصل ديناران، وإن لم يبرأ منها فلا كفيل بها فيؤد بهما إلى الطالب. [والله أعلم].