للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وجه قول أبي حنيفة: قوله : "من وليَ القضاء بين اثنين فليسوِّ بينهما في مجلسه والنظر"، وقال [لعليّ]: "لا تسمع من أحد الخصمين حتى يحضر الآخر" (١)؛ ولأن الخصومة حق يلزم المطلوب يختلف باختلاف من يتولاه، ولا يجوز أن يحيل به على غيره إلا برضا صاحب الحق، كالدين.

وجه قولهما: ما روي أن عليًّا وكّل في الخصومة، ولم ينقل أنه طلب رضا الخصم؛ ولأنه توكيل في حق، فصار كالتوكيل باستيفاء الدين، فأما الخصم المريض الذي لا يقدر على الحضور (٢)، فيجوز توكيله؛ لأن الحضور (٣) لا يلزمه مع تعذره، وإذا أسقط الحضور عنه انتقلت الخصومة إلى ما قامَ مقامه (كالميت) (٤).

فأما الغائب على مسافة يقصر فيها الصلاة، فالحضور لا يلزمه؛ لأن في تكلف السفر مشقّةً، وإذا أسقط الحضور عنه جاز أن يوكل.

فأما المرأة، فكان أبو بكر الرازي يقول: إذا كانت غير برزة جاز لها أن توكل؛ لأنها لم تألف خطاب الرجال، فإذا حضرت مجلس الحكم انقبضت، فلم تنطق بحجتها، ويلحقها بذلك ضرر.

وقال أبو بكر: وهذا شيء استحسنه المتأخرون من أصحابنا، فأما ظاهر الأصل فيقتضي خلاف ذلك، وقد كان ابن أبي ليلى يقول: يجوز توكيل البكر؛ لأن البكر تستحي في العادة، ولا يجوز توكيل الثيب؛ لأنها لا تستحي.


(١) أخرجه أبو داود عنه بلفظ (فإذا جلس بين يديك الخصمان فلا تقضين حتى تسمع من الآخر كما سمعت من الأول … ) (٣٥٨٢).
(٢) في ل (الخصومة).
(٣) في ل (الخصومة).
(٤) ساقطة من ل.

<<  <  ج: ص:  >  >>