للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

تعالى: ﴿إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ﴾ [التوبة: ٦٠]، ففهم أنه لا يجب دفعها إلى جميعهم، وإنما يدفع إلى بعضهم، فالخيار إلى المتصدق، فكذلك في الوصية يدفع إلى بعض الفقراء، والاختيار في تعيينهم إلى الوصي، فأمكن التسليم، فجازت الوصية.

وأما إذا ذكر صفة تصلح للغني والفقير، وقد تستعمل في العادة في الفقراء، فإن أضافها إلى من يحصى دخل فيها الغني والفقير، مثل الوصية ليتامى بني فلان، ولأراملهم، ولِزَمْناهم؛ لأن هذا الاسم يصلح للغني والفقير، وقد أمكن استغراقهم، فحمل اللفظ على عمومه فيهم.

وإن كانوا لا يحصون، فالوصية لفقرائهم؛ لأن هذا اللفظ في العادة يذكر في الفقراء، بدلالة قوله تعالى في آية الخمس: ﴿وَالْيَتَامَى﴾ (١)، [الأنفال: ٤١] وأجمعوا أن المراد به الفقراء منهم دون الأغنياء.

وقد روي "أن النبي ابتاع سلعة فربح فيها قبل أن يدفع ثمنها، فتصدق بذلك على أرامل بني عبد المطلب" (٢)، ومعلوم أن هذا الجنس [إنما] يقصد به الفقراء، فدل على أن الاسم مستعمل في الفقير وإن كان يصلح للغني.

ولو حملنا الوصية فيمن لا تحصى من الغني والفقير لبطلت، وإذا حملناها على الفقير الذي جرت العادة باستعمال الاسم فيه صحّت، ومقصود الموصي تصحيح الوصية، فكان ذلك أولى من إبطالها.


(١) وذلك في قوله تعالى: ﴿فَأَنَّ لِلَّهِ خُمُسَهُ وَلِلرَّسُولِ وَلِذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَابْنِ السَّبِيلِ﴾ [الأنفال: ٤١].
(٢) أخرجه أبو داود (٣٣٤٤)؛ ورواه الطبراني في الكبير، ١١/ ٢٨٢؛ وقال الهيثمي: "ورجاله ثقات"، مجمع الزوائد، ٤/ ١١٠.

<<  <  ج: ص:  >  >>