وأما إذا قَبِلَ الوَصِيُّ في حياة الموصي، ثم ردّ بغير حضرته، لم يكن ذلك ردًا؛ لأنه لما قَبِلَ الوصية فقد سكن الموصي إلى تصرفه، فلو جاز له أن يخرج نفسه من الوصية بغير حضوره كان في ذلك تغرير بالموصي؛ لأنه يموت ولا يوصي إلى أحد، وهذا لا يجوز، كما قالوا في الوكالة: إن الوكيل لا يملك عزل نفسه عنها بغير محضر من الموكِّل.
وأما إذا رَدَّ في وجهه بطلت الوصية؛ لأنه متبرع بقبولها، والمتبرع إن شاء أقام على التبرع، وإن شاء رجع؛ ولأن الإنسان قد يقبل الوصية ظَنًّا منه أنه يقدر على القيام بها، ثم يعلم أنه يعجز عن ذلك، فلو لم يجز له الردّ أدّى إلى الإضرار بالوصي وبالورثة، وهذا لا يصح.
وإنما لا يجوز رده في غير وجهه؛ لما في ذلك من الغرور، وهذا المعنى لا يوجد إذا رد في وجهه.
وأما إذا مات الموصي قَبْلَ القبول، فتصرف الوصي في ذلك كالقبول؛ لأن الوصية تمت من جهة الموصي، وإنما وقفت على حق الوصي، فتصرفه كقبوله.
أصله: البيع المشروط فيه الخيار للمشتري، إذا تصرف قبل الإجازة.
وإذا قَبِلَ الوصي وتصرف بعد الموت ثم أراد أن يخرج نفسه من الوصية، لم يجز ذلك إلا عند الحاكم؛ لأنه التزم القيام بها، فعزله نفسه بغير حضرة الموكل، وأما إذا حضر عند الحاكم، فالحاكم قائم مقام الموصي لعجزه عن استيفاء حقوقه، فصار كالوكيل إذا عزل نفسه بحضرة الموكل، وإنما [جاز](١)