للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

والدليل على أنها ليست بواجبة: أنها إثبات حق في ماله بعقد، كالهبة والعارية؛ ولأنّ ما لا يجب عليه في حال حياته لا يجب عليه بعد موته كالمبيع.

وأما قوله : "لا يحل لرجل يؤمن بالله واليوم الآخر له مال يريد أن يوصي فيه أن يبيت ليلتين إلا ووصيته عند رأسه" (١)، فلا دلالة فيه على الوجوب؛ لأنه خبر، والخبر لا يقتضي وجوب المخبر عنه؛ ولأنّ هذا خبر واحدٍ، ووجوب الوصية مما به يعم البلوى، فلا يثبت بأخبار الآحاد (٢).

وأما قوله تعالى: ﴿الْوَصِيَّةُ لِلْوَالِدَيْنِ وَالْأَقْرَبِينَ بِالْمَعْرُوفِ﴾ [البقرة: ١٨٠]، فمنسوخة، واختلفوا في نسخها، فقال أبو بكر الرازي: نسخت بقوله تعالى: ﴿مِنْ بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصِي بِهَا أَوْ دَيْنٍ﴾ [النساء: ١١]؛ وذلك لأن الله تعالى جعل المال للوارث بعد وصية منكرة، ولو كانت الوصية للوالدين واجبة لذكر وصية معرفة، فلما نكرها وجعل الباقي بعدها للورثة، دل ذلك على نسخ الوصية للوالدين (٣).

ومن أصحابنا من قال: إنها نسخت بقوله : "لا وصية لوارث" (٤)، وهذا خبر تلقته الأمة بالقبول، وعملوا بموجبه، فهو في خبر ما


(١) أخرجه النسائي في (الكبرى) بلفظ (ما حق امرئ مسلم له شيء يوصي … ) (٦٤٤٢)؛ وابن ماجه (٢٦٦٩)؛ وأحمد في المسند، ٢/ ١٠؛ رواه الطبراني في الأوسط، ١/ ١٢٣؛ قال الهيثمي: "وفيه جماعة لم أعرفهم"، وأورده بطريق آخر وقال: "رواه أبو يعلى في الكبير، وفيه عبد الله العمري، وفيه ضعف، وقد وثق، وبقية رجاله رجال الصحيح"، مجمع الزوائد، ٤/ ٢٠٩.
(٢) انظر: تسهيل الوصول إلى علم الأصول للمحلاوي ١/ ٣٠٥.
(٣) انظر: تفسير ابن عطية (المحرر الوجيز) ص ١٦٠.
(٤) أخرجه الترمذي (٢١٢٠)؛ وابن ماجه (٢٧١٤)؛ والمقدسي في المختارة، ٦/ ١٤٩؛ والبيهقي في الكبرى، ٦/ ٨٥؛ وغيرهم من أصحاب السنن والمسانيد؛ وبوب له البخاري (باب لا وصية لوارث) وروى حديث ابن عباس قوله: (كان المال للولد … ) (٢٥٩٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>