في واحدةٍ منها، فقد فات العضو الذي تعلّق به القطع، ومعلوم أن يد السارق لو ذهبت بعد السرقة بآفةٍ من السماء، سقط القطع، فإذا ذهبت على وجه الحدّ أولى.
وأما الضمان، فإن حضر أصحاب السرقات يخاصموا، فقطع بمخاصمتهم، سقط الضمان في جميع ذلك في قولهم جميعًا؛ لأن مطالبة المسروق منه بالقطع كالبراءة من الضمان عندنا، فإذا طالبوا جميعًا، فقد أبرؤوا، فصار كالواحد إذا طالب.
فأما وجه قول أبي حنيفة إذا طالب الواحد: أن القطع وقع لجميع السرقات، بدلالة أنه ليس لواحدٍ منهم قطعٌ وإن طالب، فإذا وقع القطع لجماعتهم، فكأنهم حضروا فطالبوا.
وجه قولهما: أن مطالبة المسروق منه بالقطع، براءةٌ من القاطع (١)، فمن طالب منهم بحقّه، فقد وجد منه الإبراء، ومن لم يطالب لم يوجد منه ما يقتضي البراءة، فبقي حقّه في الضمان بحاله.
قال: وإن كانت السرقات قائمةً في يد السارق، رددتها؛ لأن القطع لا يسقط الرد فيما قطع فيه، فما لم يقع القطع فيه أولى.
قال: وذكر في الأصل هذه المسألة، فقال في السارق يسرق السرقات ثم يرفع في واحدةٍ منها، فيقطع، قال: أضمنه إياها، إلا التي أتيت به فيها فقطعته.
وقال أبو يوسف: لا أضمنه، وهذا موافقٌ لرواية ابن سماعة وعليٍّ، إلا أن هذا القول في الأصل منهم لم يُضفه إلى أحد.