للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث / الرقم المسلسل:

طريق الإنكار عليهم لمّا قالوا: لا نرضى بأيمان اليهود، بدلالة أنّه لو كان أمرًا لقال: "أتحلفون، [وتستحقوا] (١) "، فلما أتت النون، عُلم أنّه على طريق استفهامٍ وإنكارٍ، والذي روي: "تحلفون وتستحقون" معناه: أتحلفون، كقوله تعالى: ﴿تُرِيدُونَ عَرَضَ الدُّنْيَا﴾ [الأنفال: ٦٧]، يعني: أتريدون (٢).

وإنّما اعتُبِر أن يكون بالقتيل أثرٌ؛ لأنّه إذا لم يكن به أثرٌ، فالظاهر أنّه مات حتف أنفه، وليس بقتيلٍ، فلا يتعلق به ضمانٌ، ولهذا قالوا: إنّ من وُجد والدّمُ يخرج من فمه، أو أنفه، أو من فرجه، فليس بقتيلٍ؛ لأنّ ذلك يكون برعافٍ، وقيءٍ، وعارضٍ.

فإن كان الدم يخرج من عينيه، أو أذنه، فهو قتيلٌ؛ لأنّ الظاهر أنّ هذا لا يكون إلا بضربٍ (٣) حادثٍ.

وإنّما استُحلِفوا: بالله ما قتلنا ولا علمنا له قاتلًا؛ لأنّ إحدى اليمينين على فعلهم، فكانت على الثبات، والأخرى على فعل غيرهم، فكانت على العلم.

وفائدة قولهم: ولا علمنا له قاتلًا؛ [لأنه] (٤) لا يجوز أن يكون حتّى إذا عرفوا القاتل ذكروه؛ لأنّ قولهم لا يُقبل عليه، ألا ترى أنّهم يسقطون بذلك


(١) في أ (وتستحقون)، والمناسب في التعليل الذي يسوقه حذف النون من تستحقون.
(٢) المقصود بالقتيل في باب القسامة: "القتيل عندنا: كل ميّت وجد به أثر، فإن لم يكن به أثر، فلا قسامة فيه ولا دِيَة، إنما هذا ميت، وقال أبو حنيفة: إن وجد وليس به أثر إلا أن الدم يخرج من أنفه، فليس بقتيل، وإن كان يخرج من أذنه، فهو قتيل، وفيه الدِّيَة والقسامة، وهو قول أبي يوسف ومحمد". الأصل ٦/ ٥٦٨.
(٣) من ل (بضرر).
(٤) الزيادة من ل.

<<  <  ج: ص:  >  >>