للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

الموت، وأمره لا يؤثر في إسقاط ما يجب لورثته بعد موته.

وليس هذا كقطع يده؛ لأنّ الحقّ يجبُ له، فجاز أن يسقط بأمره.

فأما ضمان (١) الدية، فوجه رواية ابن سَماعة - وهي أصح الروايتين: أنّ الدية لو وجبت، وجبت له؛ بدلالة أنّ ديونه تُقضَى منها، وتنفذ وصاياه، فإذنه في سبب وجوبها يُسقطُها، كما لو أذن في قطع يده؛ ولأنّه ضمانٌ يجب له، فوجب أنَّ يسقط بإذنه في الإتلاف، كضمان المال.

وجه الرواية الأخرى: أنّ الدية إنّما تجبُ بعد الموت، ويستحيل أن يثبت للميت حقٌّ مبتدأٌ بعد موته، فعُلِم أنّها تثبت للورثة، فإذنُ الميت لا يؤثّر في إسقاط حقّهم؛ ولأنّ القياس: أن لا يسقط القِصَاص بالإذن؛ لأنّه يجب بعدَ الموت، إلا أنّ الإذن في سببه صار شبهةً في سقوطه (٢)، فانتقل مالًا، والمال لا يسقط [بالشكّ] (٣) والشبهة.

وقال ابن سَمَاعة وهشام عن محمدٍ: إذا أمر الرجلُ الرجلَ أن يقطع يده، أو يفقأ عينه، فلا شيء عليه في قول أبي حنيفة وأبي يوسف؛ وذلك لأنّ الضمان إنّما يجب له، فإذنه في سببه يسقط الضمان لحقّه

قال: ولو قال: اقتل عبدي، أو اقطع يده، لم يضمن فيهما؛ لأنّ الضمان يثبت في الوجهين جميعًا للمولى، وقد أذن في الإتلاف، فلا يثبت الضمان.


(١) في ل (وأما أصحاب الدية).
(٢) في ل (في سقوط ما ينتقل مالًا).
(٣) الزيادة من ب.

<<  <  ج: ص:  >  >>