للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

الحاكم، فهي في رقبته، وهذا قول أصحابنا: إنّ جناية المُكَاتَب تتعلّق برقبته.

وقال زفر: بذمّته.

لنا: أنّ الرقبة يجوز تسليمها في الجناية لو عجز المُكَاتَب، وكل رقبةٍ يُتصَوّر إمكان تسليمها، تعلّقت الجناية بها كرقبة العبد.

وجه قول زفر: أنّ رقبة المُكَاتَب لا يصحّ فيها التمليك، فصار كالحرّ والمُدبّر، فلا تتعلّق الجناية برقبته.

وفائدة هذا الخلاف: أنّ المُكَاتَب إذا عجز قبل انتقال الجناية من رقبته، قيل للمولى: ادفعه أو افده، وقال زفر: يباع في الأَرْش.

فعلى قولنا: الجناية في الرقبة، وقد أمكن فيها الدفع، فصارت كجناية العبد.

وعلى قوله: الجناية في الذمّة، فيُباع فيها إذا عجز كما يُباع في الديون.

ويظهر الخلاف أيضًا في المكاتب إذا جنى، ثم جنى قبل القضاء عليه بالجناية الأولى (١)، قُضِي عليه بقيمةٍ واحدةٍ؛ لأنّ الجناية الأولى متعلّقةٌ برقبته، وكذلك الثانية، فتتضايق الرقبة عنهما كجنايتي العبد.

وعلى قول زفر: يُحكَم في كلّ جنايةٍ بقيمةٍ؛ لأنّها تجب عنده في الذمّة، والذمّة لا تتضايق.

وإذا ثبت أنّ جناية المُكَاتَب تتعلّق برقبته، لم تنتقل إلى ذمته إلا بأحد معانٍ ثلاثة: إمّا أن يحكم الحاكم عليه بأرشها، أو يصطلحوا على الأَرْش، أو يموت ويترك مالًا أو ولدًا؛ وذلك لأنّ القاضي إذا قضى فقد كانت الجناية موقوفة


(١) هذه الكلمة سقطت من ب.

<<  <  ج: ص:  >  >>