فأما السن، فيجب فيه القصاص، لقوله تعالى: ﴿وَالسِّنَّ بِالسِّنِّ﴾ [المائدة: ٤٥]؛ ولأن المماثلة يمكن فيه؛ لأنه ظاهر، فإن كسر بعضه أخذ من سن الكاسر بالمِبْرَد (١) مثل ما كسر.
فإن قلعه، لم يقلع سِنَّه؛ لأنا لا نأمن أن يؤدي إلى أكثر مما فعل، ولكنا نأخذ سِنَّه بالمبرد إلى أن ينتهي إلى اللحم، ويسقط ما سوى ذلك.
قال: وفي ثديَي الرجل حكومة عدل، وفي أحدهما نصف ذلك الحكم، وفي حلمة ثدييه حكم عدل دون ذلك، وهو قول أبي حنيفة؛ وذلك لأن ثدي الرجل ليس فيه منفعة ولا زينة كاملة، ألا ترى أنه ليس بظاهر، فلم يتقدر أرشه، فوجبت فيه الحكومة.
قال: وفي لسان الأخرس، وذَكَر الخَصِيّ، والعين القائمة الذاهب نورها، والسن السود القائمة، واليد الشلاء، والرجل الشلاء، حكم عدل؛ وذلك لأنه لا منفعة في هذه الأعضاء، والمقصود منها المنفعة، فإذا عدمت لم يتقدر أرشها، وصارت كما لا منفعة فيه من الأجزاء.
ولا يجوز أن يقال: إن فيها زينة؛ لأن الأعضاء التي يقصد منها المنفعة الزينة فيها تبع، فلا يتقدر الأرش لأجلها؛ ولأن الزينة فيها ليست بكاملة، ألا ترى أن العين القائمة يتجمل بها الإنسان عند من لا يعرف حالها، فأمّا من يعرف حالها، فلا جمال فيها، وإذا لم تكمل الزينة لم يكمل الأرش.
(١) "المِبْرَدُ: أداة بها سُطوح خَشِنة، تستعمل لتسوية الأشياء أو تشكيلها بالتَّأَكُل أو السَّحْل". المعجم الوجيز (برد).