للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

لقوله تعالى: ﴿وَلَا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى﴾ [الزمر: ٧]، وقال لأبي زمعة لما دخل عليه زمعة ابنه: "مَنْ هذا؟ "، فقال: ابني، قال: "إنه لا يجني عليك ولا تجني عليه" (١)؛ ولأن قيم المتلفات لا تطالب به العاقلة، فكذلك بدل النفس.

وهذا ليس بصحيح؛ لأن قوله تعالى: ﴿وَلَا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى﴾ [الأنعام: ١٦٤]، المراد به في أحكام الآخرة، بدلالة ما بينا من الأخبار.

وقوله لأبي زمعة (إنه لا يجني عليك ولا تجني عليه)، المراد به غير ظاهره؛ لأن كل واحد منهما يجني على الآخر.

وإذا ترك ظاهر اللفظ، لم يصح التعلق به إلا في موضع يدل عليه الدليل.

فأما القياس: [على] بدل المتلفات فلا يصح في معارضة النص والإجماع، والذي يدل من طريق العقل [على] حسن ذلك، أن الله تعالى أوجب حقوقًا [في] الأموال لمنفعة الغير: وهي الصدقات، فلا يمتنع أن يوجب هذا الحق في مال العاقلة لمنفعة القاتل؛ ولأن القاتل إنما كان يقتل [بنصرة] (٢) عشيرته، فصاروا كالمشاركين له في القتل؛ ولأنه يتحمل عنهم إذا قتلوا، ويتحملون عنه إذا قتل، فيؤدي ذلك إلى التخفيف عن كل واحد منهم، وهذا غير ممتنع.

فأما المتلفات فإنها لا تكثر في العادة، فلا تحتاج إلى التخفيف، والدية مال كثير، يجحف بالقاتل؛ فلذلك احتاج إلى التخفيف (٣).


(١) أخرجه الحاكم في المستدرك وصححه، ٢/ ٤٦١؛ وابن حبان في صحيحه، ١٣/ ٣٣٧؛ وأبو داود (٤٤٩٥)؛ وأحمد في المسند، ٢/ ٢٢٦.
(٢) في أ (بظهر) والمثبت من ج.
(٣) انظر: الأصل ٦/ ٥٤٧ وما بعدها.

<<  <  ج: ص:  >  >>