وعلى هذا قالوا: في المقذوف إذا زعم أنه حرّ، وقال القاذف: هو عبد، لم يجب عليه الحد حتى يقيم المقذوف بيّنة بالحريّة؛ لأن الظاهر الحرية، إلا أنه بهذا الظاهر لا يستحق حقًّا على الغير.
وكذلك المقطوعة يده إذا زعم أنه حرّ، فطلب القصاص من القاطع، فقال القاطع: هو عبد، لم يجب القصاص حتى يثبت الحرية لهذا المعنى.
وكذلك قالوا في المشهود عليه إذا زعم أن الشاهد عبد: لم يقض عليه بظاهر الحرية.
وكذلك إذا زعمت العاقلة أن القاتل عبد، لم يتحملوا عنه الدية حتى يثبت أنه حر؛ لأن في الحكم بحريته بغير بينة حكم عليه بالظاهر، فلم يجز.
وجه قول زفر وإحدى الروايتين عن أبي يوسف: أن اليد موجبة للحكم بالملك؛ بدلالة أن الشفيع لو مات حكمنا بانتقالها إلى ورثته، ولو باع حكمنا بجواز البيع، فصار ذلك كالبينة.
وذكر ابن سماعة في نوادره عن أبي يوسف: في رجل في يديه دار، أقام رجل عليه البينة أن هذه الدار كانت في يد أبيه مات وهي في يديه، قال: فإني أجعلها للذي أقام البينة، فإن جاء يطلب الشفعة بدار إلى جنبها، لم أقضِ له بالشفعة حتى يقيم البينة على الملك، وهذا يدل أن القضاء باليد مع جهله بنقل الملك هو قضاء بالاستحقاق، وليس بحكم بالملك؛ لأن اليد قد تكون يد مالك في الظاهر، وهي غصب في الباطن. [والله أعلم].